الاثنين، 31 ديسمبر 2012

The Bourne Ultimatum 2007 إنذار بورن الأخير


 http://www.imdb.com/title/tt0440963/   الرابط على imdb 
http://www.elcinema.com/work/wk2002899/  الرابط علي  elcinema

المشهد الأول يبدو عبثياً للغاية ..
صحفي مشهور في الجارديان هو Simon Ross يتم قنصه في زحام محطة لندن و التوقيع CIA .. لكن مع الوقت تتكشف الأوراق مع تتابع قصة الوردة السوداء Black briar أو شوكها البري .. لا فرق هناك! .. لا مزيد من الخطوط الحمراء .. مرحبا بكم في قسم مكافحة الإرهاب و باسمه أنتم جميعا أهداف مشروعة محتملة .. إنها -مرة أخرى- إحدى الملفات القذرة تماما في الصندوق الأسود و الشفرة ..  لأجل رفاهكم نقتلكم! .. هذه سلسلة أخرى حيث النهاية لا تبدو قريبة تماما ..و بورن يطلق إنذاره .. الأخير!

لا يخلو الأمر من عملية تجميل .. الفتاة التي تحمل جمال الوجه و القيم الأمريكية الراسخة منذ مئتي عام فقط لا غير - تنقذ الموقف برمته!! .. لقد كان مجرد شخص فاسد آخر أما نظامنا فلا زال هناك راسخا .. و ليرحم الله من قتلنا أو فليذهبوا للجحيم لا فرق هناك!

البداية مع قاتل محترف كل ما يعرفه أنه آلة مصممة للقتل .. لأجل الوطن و مواطنيه الشرفاء الذين سنقتل بعضهم .. لا بأس! اسمه Jason Bourne أو هكذا أُريد له أن يكون! غسيل مخ متقن و محو ذاكرة مثل شريحة الذاكرة الاليكترونية .. لعبة بارعة فعلا لا ثغرات .. نظافة مدهشة تعلو السطح الصدئ!  ثلاث سنوات فقط يستغرقه الأمر لعملية استعادة Recovery لإسدال الستار مؤقتا!!

دور بارع لـ  Matt Damon بعينيه التائهتين و ماضيه المبهم و المتأرجح في ذاكرته الضبابية .. الإيقاع سريع بإدهاش و مشاهد القتال الفردي تبدو مقنعة تماما و ساحرة .. هذا هو أ.ن كما أحبه مكتوباً بقلم المبدع نبيل فاروق .. بإخراج رائق من Paul Greengrass .. لا عجب إذن أن يرشح الفيلم لجوائز الأوسكار لينال حفنة منها.

http://www.imdb.com/list/4eb9LxIeNFI/


الأحد، 30 ديسمبر 2012

(1957) 12 Angry Men اثنا عشر رجلا غاضبا

الفيلم على imdb

أفلام الحافظة الزرقاء.. اثنا عشر رجلا غاضبا


Jan 27 2011
آخر تحديث 13:46:30
"12 رجلا غاضبا" مسرحية كتبها ريجنالد روز.. ولها شعبية كبيرة عند شباب المسرحيين
"12 رجلا غاضبا" مسرحية كتبها ريجنالد روز.. ولها شعبية كبيرة عند شباب المسرحيين
لست ناقدًا سينمائيًا؛ لكني أعرف جيدًا تلك الأفلام التي هزّتني أو أبكتني أو أضحكتني أو جعلتني أفكّر طويلاً... أعرفها وأحتفظ بها جميعًا في الحافظة الزرقاء العتيقة التي تمزّقت أطرافها، وسوف أدعوك لتشاهدها معي لكنها أثمن من أن أقرضها! معظم هذه الأفلام قديم مجهول أو لا يُعرض الآن، لكنها تجارب ساحرة يكره المرء ألا يعرفها من يحب. 

هناك نسختان من هذا الفيلم الرائع: نسخة عام 1957 ونسخة عام 1997. لم أر النسخة الأخيرة وإن كنت أميل إلى أنها جيدة بدورها؛ لأن مخرجها هو ويليام فريدكين صاحب (طارد الأرواح الشريرة)، وهو لن يضع اسمه على أي عمل غير متقن.

النسخة الأولى رأيتها في برنامج نادي السينما منذ أعوام طويلة، وقد انبهرت بقدرة المخرج على أن يصنع فيلما شائقا مثيرا، بينما هو حبيس مكان واحد خانق حار. فيما بعد رأيت فيلما يدور في ذات الجو الخانق هو "يرث الرياح" أو "ميراث الرياح" لستانلي كرامر، الذي يدور في قاعة محاكمة في الجنوب الأمريكي في يوم رطب شديد القيظ. كلا العملين الرائعين أخذ عن مسرحية.. لكن براعة المخرج تجعلك تنسى هذا تماما.

مسرحية "12 رجلا غاضبا" مسرحية تليفزيونية كتبها ريجنالد روز، ولها شعبية كبيرة عند شباب المسرحيين، وقد تلقّيت مؤخرا دعوة لحضور عرض مسرحي لها في المنصورة من إعداد صديقي أحمد صبري غباشي، لكن لم أتمكّن من الحضور، واكتفيت بأن اقترحت عليه أن يقدّم مسرحية "يرث الرياح" كذلك.

كما قلنا في الأسبوع الماضي، أخرج الفيلم سيدني لوميت الذي قابلناه مع فيلم "بعد ظهر يوم حار".

البطل الحقيقي للفيلم هو الحوار، وهو طاقم الممثلين الممتاز وعلى قمتهم هنري فوندا. إن الفيلم مباراة أداء رائعة بين أسماء عالية الاحترافية؛ مثل هنري فوندا ومارتين بالسام ولي جي كوب وجاك كلوجمان. الطريف أن الاثني عشر رجلا غاضبا ماتوا جميعا في عالم الواقع باستثناء كلوجمان.

لا تعتمد مصر في المحاكمات على نظام المحلّفين، لكنه النظام المطبّق في الولايات المتحدة. هنا يتم اختيار 12 مواطنا حسن السمعة (بموافقة الادّعاء والدفاع معا) ويكون على هؤلاء المحلّفين أن ينعزلوا تماما عن قراءة الصحف وسماع الأخبار حتى لا يتأثر قرارهم. فقط يتابعون المحاكمة، وفي النهاية يجتمعون ليصلوا لقرار واحد.. هل المتهم مذنب أم لا.. لو اتضح أن المتهم مذنب يكون على القاضي اختيار العقوبة.

هذا بالضبط هو الموقف الذي يدور حوله الفيلم.. المحلفون مجتمعون في غرفتهم يحاولون الوصول لقرار.. هل الفتى المتهم قد قتل أباه أم لا؟ سوف ينتج عن هذا القرار حكم بالإعدام. ونحن لا نعرف أسماء المحلفين ولا اسم الفتى المتهم طيلة الفيلم، فقط نعرف اسمين في نهاية الفيلم؛ فالموقف أكثر عمومية من التقيد بأسماء.

المشكلة هنا هي أنه لا يوجد إجماع.. أحد عشر صوتا يدين الفتى بينما هنري فوندا -المحلّف رقم 8- يصر على أنه بريء.. إنه يشك في شهادة الشهود الذين قالوا إن المدية المستعملة في الجريمة نادرة الطراز، ويرى الكثير من النقاط المبهمة في الشهادات.

يعاد التصويت مع انسحاب هنري فوندا منه، فيتبين أن محلفا آخر انضمّ لرأيه.

هكذا تهتزّ الأرض نوعا تحت أقدام المحلفين الواثقين من قرارهم.. محلف ثالث بدأ يرى أن المتهم غير مذنب..

هناك جدل حول امرأة من الشهود تبدو علامات النظارة على أنفها، وبرغم هذا لم تكن تضع النظارة وقت الحادث.. فكيف رأت ما حدث بوضوح؟

إننا نعرف أكثر فأكثر شخصيات الجالسين.. منهم من يصرّ بعناد وغرور على رأيه، ومنهم من يلين؛ لأنه يتعاطف مع الفتى لأسباب شخصية، أو لأنه نشأ في الأزقة مثله. ومع الوقت يتزايد عدد من يرون أن الفتى غير مذنب. اللعبة هنا هي كيف يتم هذا، وكيف يتناقص عدد من يرون أن الفتى مذنب. مع الوقت يدرك الجالسون أنهم يأخذون الأمر بخفّة أكثر من اللازم مع أنه يتعلق بحياة شاب.. شاب لم يرتكب الجريمة على الأرجح.


مع الوقت لا يبقى سوى 3 ممن يصرّون على رأيهم. وندرك أن هناك أسبابا تتعلق بشخصية ونفسية كل منهم، مثلا من خاض منهم صراعا مع ابنه يحمل حقدا خفيا نحو الفتى المتهم بقتل أبيه؛ لأنه يرى نفسه في صورة هذا الأب. نحن نعرف أن الزوجة التي أساء زوجها معاملتها مثلا يسهل أن تدين أي زوج قتل زوجته، أو تبرئ أية زوجة فعلت العكس.

يزداد عدد المؤيدين لبراءة الفتى، وفي النهاية تنقلب الصورة تماما ويخرج القرار: الفتى ليس مذنبا.

تبدو الحبكة بسيطة.. لكن اللعبة الحقيقية الصعبة هي الطريقة التي تتغير بها الآراء، والصراع الذهني المستمر.. وإن كنت شخصيا أرى بعض التعسف أو الافتعال في بعض المواقف.. الناس لا تغير آراءها بهذه السهولة في الواقع..

أنتج الفيلم هنري فوندا نفسه، وهي تجربته الوحيدة مع الإنتاج السينمائي على كل حال. المصوّر كاوفمان استخدم تقنيات متقدمة وعدسات خاصة؛ ليوحي بالجو المغلق الخانق والعرق على الوجوه. سبقت التصوير بروفات مرهقة وطويلة جدا في ذات المكان، لهذا لم يستغرق التصوير نفسه وقتا طويلا.

يظهر الفيلم دائما في أية قائمة لأفضل الأفلام في التاريخ. وهو الأفضل في قائمة أفلام قاعة المحاكمة. لم يحقق الفيلم نجاحا تجاريا وإن فاز بانبهار النقاد.. كما أن عرضه في نفس العام مع "جسر على نهر كواي" تحفة ديفيد لين أدى إلى حرمانه من جوائز أوسكار كان يستحقها بشدة. وكان عليه أن ينتظر طويلا حتى يدرك الجمهور أي فيلم رائع هو.

كان هذا فيلما آخر من أفلام الحافظة الزرقاء،،،

المصدر:
http://boswtol.com/art-and-entertainment/films-and-tv/11/january/27/26804

الثلاثاء، 18 ديسمبر 2012

البِشارة الأخيرة للشيخ «عماد عفت».. (ملف خاص)


تقرير بديع عن الشيخ الجليل .. حين يتجسد الجمال بحزنه النبيل  : فتفتَّتَتْ رُوحه لتُنِير قلوب الناس.
"
 الشيخ الذي خَلَعَ جلبابه وعِمامته كي يتواجد وسط الناس بصفته الشخصية.. كان مِثلهم، يُكسّر الطوب، ويَدُق على المَعْدَن، يقف بصدره في الصفوف الأولى ليَرُدّ القوم المعتدين، ويُدافع عن الميدان «كأنَّه الوطن، كأنَّه بَيت الله» مثلما قال

في كُلّ مَوضع وكل صلاة كانت الشهادة نِعمة مَرْجُوَّة، كُتِبَت في قَلبه، وعَاشَ بها، وابتسم حين رآها، فتفتَّتَتْ رُوحه لتُنِير قلوب الناس.

والشَّيخ «عماد» ظلَّ هُنا، صُورته رُشداً للناسِ على جُدران المَدينة، وسيرته التي لم تحمل إلا حسناً تُفْرح ألسنتهم، عِلْمه الواسَع يَتنقل بينهم وينتفعون به، وعَلَمَه المَرسوم يُشاركهم في كُل مَسيرة وخَطوة، رُوحه الطيبة بقَت جانبهم.. مُعلَّقَة بالثورة وأهلها، وسَتَشْفَع لهم حين يَقولون يوماً «نَحن أمّة عماد عفت»، فيَكْتَمِل البِشْر.. له وبه.


البِشارة الأخيرة للشيخ «عماد عفت».. (ملف خاص)

http://www.almasryalyoum.com/node/1318221

السبت، 17 نوفمبر 2012

إطلالة نوفمبر و مسائل أخرى








أطل شهر نوفمبر إطلالته المعهودة .. و الفجر يشق أنفاسه بصعوبة .. مسألة تبيًن الخط الأبيض من نظيره الأسود تصبح هنا مسألة ميكروسكوبية حقا، لذا نترك تبينها لعلماء الفلك .. فقط نصحو على إيقاع ساعة التنبيه التي تعلن عن الوقت معوضة غياب الديك الذي كان حتما سيعلن عن طلوع الفجر مع حلول موعد المساء٬ ليس لأن الشمس قد وجدت طريقها أخيرا للأفق المنظور و لكن يأسا بعد أن ظلت حنجرته حبيسة لساعات طويله ، فحتى الديوك تدرك حقا أن ساعات الليل محدودة ، فضلا عن أن صاحبنا يريد إثبات ديكيته المزهو بها فلا يكون هناك مجال لأن تظن به دجاجاته الظنون٬ (لا أدري كيف كان لبلال بن رباح أن يتبين الخيطان في هذه الأجواء البرلينية .. أتصور أن عبقريا ما كان سيجد حلا كما وجد الأحفاد حلا لذلك حين طالت جولاتهم في البحر فكان ان اخترعوا الاسطرلاب).

بالطبع الشمس لا تغيب دائماً هنا، يحدث أحيانا أن تطل إطلالة خجولة (الكلمة هنا للتهذيب ليس إلا .. تبدوأكثر تأدبا من كلمة زائفة و هذه تفاصيل يعير لها قاموس الوجود الإنساني أهمية بالغة) يظهر شعاع بالغ الرقة لكن لا بأس فلا زال يعد ببعض الدفء الشحيح في سوق هذه الأيام .. تُتابع الشعاع باستماته لعلك تحصل على بعض الدفء الموعود لكن ما تلبث خيبة الأمل التي تعتلي أعلى سنام الجمل كما يقول المثل المصري العتيق أن ترتد بابتسامة تشَفي كبيرة كاشفة عن أسنانها الصفراء و ابتسامة التشفي دائماً تكشف عن أسنان صفراء هذه قاعدة مشهورة تتوارثها الجينات البشرية مع أشياء أخرى هي أشياء صغيرة ٬ تبدو أحيانا عابرة لكنها عند أولئك الذين لايزالون يتدثرون بتلك القشرة البشرية تعني الكثير .. القدماء يُعبٍرون عن ذلك أيضاً بخفي حنين .. يبدو التعبير رائقا للغاية ترتد الخيبة هذه المرة في شكل حذاء سيفتح مقدمته في وجهك متمنيا لو أنه في عالم الأحذية ألسنه ليخرجه لك معوضا به غياب الأسنان .. البشر لم يبتكروا بعد شيئا مثل ذلك رغم ابتكارهم أشياء أقل أهمية٬ هذه وجهة نظر حذاء ليس إلا .. ليس أكيدا تماماً إن كان لون الحذاء سيكون أصفرا كذلك٬ لكن المؤكد أن رائحته ليست أبدا بالشيء المحبب و هذا كما ترى يبدو تعويضا مرضيا تماماً عن غياب تلك الابتسامة الصفراء.

باختصار هي شمس تبدو بالفعل مزيفة ليس من ذلك النوع من التزييف الذي احترفه بعض البشر بعد قضائهم بعض الوقت في هذا العالم٬ فهذه الأشياء لا تجود به الجينات و انما يكتسبها البشر باستعداد مدهش ..
حتى الأشجار تبدو غير قادرة علي التأقلم مع هذه الأجواء المكفهرة فلا تحتمل التزيف و لا التجمل و هي تشاهد من عليائها الكائنات الأخرى تعاني الأمَرّين ٬ تنظر الشجرة لقبيلة من النمل المتقوقع عند ساقها فتتساقط أوراقها زُرافا ..
بعض التفسير لتساقط الأوراق تجود به اليرقات المتنعمة بدفء شرانقها٬ ترى إحداها أن الشجرة تحنو على تلك الكائنات المرتجفة هناك على الأرض الباردة .. ترد أخرى بكلمات سمعتها من الأجداد بأنها حركة احتجاج موسمية على غياب الشمس دأبت عليها الأشجار منذ قديم الأزل٬ هذه مجرد تنظيرات من يرقات غرة منعمة في ظل الشرانق هكذا يعلق بعض العالمون ببواطن الأمور ..

مشكلتي الشخصية (ولنا الحق أحيانا في بعض التفكير الشخصي .. هذه طبيعة بشرية لا يقدّرها الكثيرون) هي في الشعر٬ ذلك الأشعث الذي يتمايل مع الهواء حينا لكن ما إن يرى أوراق الخريف متناثرة على أمنا الآرض حتى تأخذه لحظة التعاطف المشهودة (مشاعر التعاطف مقدرة تماما لكنها هنا تبدو غير مناسبة بتاتا .. شعر الإنسان مهم في أحيان كثيرة أقلها حماية من ذلك البرد القارص و لا يخلو الأمر من إطلالة على غيداء تمر قريبا من هنا) .. أحاول تغطية ذلك السيد متعاطف بطاقية صوفية لكن ما إن تسترق بعض شعيرات الفودين المتناثرة من تحت الغطاء الصوفي النظر إلى الوريقات الصفراء المفترشة الأرض كبساط سحري حتى تدركها لحظة التعاطف فيكسوها ذلك اللون الرمادي!! بالطبع الشعرات لا تَصفرّ عند التعاطف فهي لا تملك ترف ذلك اللون (هذه طبائع الأشياء التي يؤكدها وجود الكاروتين كما يفرضها الكلوروفيل في الأشجار) .. الحق أن المرء تدركه أحيانا لحظات فخر بلحظات التعاطف تلك .. لا زال هناك ما يؤكد أن الطبيعة لا زالت بخير حتى حين يخذلها بعض البشر.
المشكلة الأكبر هي في هاتين الأذنين اللتين تتصلبان بإصرار مدهش و كأنهما قطعتا حجر ثلجي٬ لتشعر بأنهما سيقعان مع أول لمسة من حالق.. طبعا لا يجب أن أسهب في الحديث عن الأنف فاحمراره الشديد فضلا عن ذلك المنديل الذي لا يفارق اليدين و كأن أم كلثوم تستعد للصعود إلى المسرح و لكن هذه المرة مزكومة الأنفين لا أدري كيف ستكون مخارج الحروف و هي تغني (لسه فاكر قلبي يديلك أمان ..) مؤكد أن الأمان سيزول من المسرح بعد أول موال!

اليوم هنا يبدأ كالتالي .. خروج مبكر من دفء الفراش (هناك أشياء لا بد منها في هذه الحياة منها أن تستيقظ مبكرا حاملا مسبحة الاستغفار و فنجان القهوة و كسرة خبز) .. فالعمل ينتظر و هو ضرورة للوجود و للحصول أيضا على كسرة الخبز تلك .. إطلالة مبكرة من النافذة ..السماء رمادية و الشمس ليست هناك!! يوم سعد حين تطل طلتها الخجولة تلك من على قمم الأشجار التي لا زالت متمسكة باحتجاجها فتظل بلا كساء! الديك بالطبع لا تبدوالأجواء تلك ملائمة لمعيشته و تشاركه العصافير الحيرة فلا يتردد صدى لحن زقزقة واحدة في الأفق!
لكن نظرة إلى ذلك الرداء الأبيض الممتد باتساع الأفق يعطي إحساسا بالجمال متفرد .. و كما قيل (كل الحوادثِ مبدأُها من النظرِ..) لكن هيهات فـ (معظم النار من مستصغر الشررِ) ..يكفي النزول و الغوص في تلال الثلج ثم الانزلاق على جليده يتبعه التواء في الكاحل لتدرك أنه (قد ضر مهجته ما سر مقلتهً .. لا مرحبا بسرورٍ عاد بالضررِ) ..
مدهشون هؤلاء البشر٬ لا يفوتون لحظة للتعلم أبدا !! يبسطون ردائهم الأبيض فما إن تقول في نفسك لا ضير من أن نلج عالمهم و أن يلجوا عالمنا حتى يدركك الانزلاق الأول .. لا يتعلم المرء سريعا هنا .. لا بد من انزلاقات عديدة أو انزلاقة كبرى يطير معها البطين الأيسر حتى يدرك المرء أن هناك ما يستحق التعلم .. هذه أشياء يرددها العجائز و هم يتلمسون طريقهم بمساعدة العصا المعقوفة .. الأجيال تتناقل ذات الكلمات لكن هناك تآمر كوني بأنه لا بد لكل بشري أن يجد طريقه بنفسه و أن ينزلق! هذا من دروس المناعة الأولية التي تتلقاها أرواحنا في شبوبها الأول.

و لكن مهلا الأمر ليس كله هكذا .. لا يخلو الأمر من بعض لحظات دافئة حينما تقودك قدماك المرتجفتان بردا إلى مكان دافئ لتتناول كوبا من الشاي أو مشروب الزنجبيل .. هذه البلاد لا تعرف السحلب لا أدري كيف لم يأخذوه عنا كما أخذوا أشياء أخرى كثيرة .. يالشتاء القاهرة الدافئ بصحبة كوب سحلب بالمكسرات و كثير من الحليب .. يبدو أنهم هنا يعوضون غيابه بأشياء أخرى .. لكن ما إن تستريح حتى تعود للنَصَبِ .. يعمل البرد فعلته في إحراق السعرات الحرارية لتجد المشروبات سريعا طريقها لمتنفسها الطبيعي بعد أن أخذ الجسد كفايته .. تضطر لحبس رغبة جسدك في التحرر مدركا بأن دقيقة تأخير إضافية ستصنع فارقا مدهشا بين التبلل و البلل فما إن تصل لحظة فك الحزام و إفراغ لؤلؤتيك حتى تدركك لحظة الراحة الكبرى و ذلك الشعور الملكي الطاغي بالسعادة تتذكر هارون الرشيد ذلك الملك الذي ملأت سيرته حكايات الف ليلة و ليلة حين عاد عطشا قيل له كم تدفع من أجل شربة الماء .. أقرّ الرجل بأن نصف ملكه فقط يبدو سعرا عادلا تماما.. و ماذا لو لم تستطع التبول .. (هؤلاء القوم كانوا يستخدمون لغة صريحة تماما .. احتجت عدة كلمات لوصف التبول بينما تذكرها كتب الأقدمين هكذا ببساطة يبدو أن فن التورية لم يكن قد وجد طريقه بعد لكتب الأدب فهو لم يظهر إلا في عصور الانحطاط كما تعلمنا من دراسة الأدب أظن التشدد كان كذلك أيضا) .. لقد وجد الرشيد أن نصف ملكه الثاني مقابل معقول للغاية حتى يستطيع التبول.
بالطبع هذه من اللحظات التي يعبر فيها المرء عن سعادته بالغناء الكل يفعلها خلف باب الحمام و يشدو بصوته الشجي .. (هذا من وجهة نظره الخاصة طبعا).. يحتاج البشر لكثير من المجهود حتى يقتنعوا بأنهم لا يستطيعون الغناء هذا أيضاً من دروسِ جينات الغرور الإنساني٬ هي محطة لا بد للجميع من الوقوف عندها و لو للحظات قصيرة لكن قليلون هم من يدركون بذكاء فطرتهم أنهم لا يجب أن يلبثوا هناك طويلا فلا بد ان تكون محطة عابرة و سريعة أيضاً.

يهبط الليل سريعاً هنا .. الدلالة الوحيدة هي ظهور تلك الدائرة القمرية و لكن يتردد هنا صدى أبيات الرافعي: إن الظلام الذي يجلوكَ يا قمرٌ .. له صباح متى تدركه أخفاكَا .. ٬و في انتظار تبيان الخيط الأبيض من الأسودِ .. تسترجع الكلمات صداها .. لسوف يأتي يومٌ فيهِ ننساكا.

عبدالعظيم
برلين/نوفمبر ٢٠١٢

الخميس، 16 أغسطس 2012

"بين الحبة و القبة "فصل أول

مشهد افتتاحي:

"يعمل من الحبة قبة"  ذلك مثل ابتكره المصريون بعبقريتهم المشهودة و هم أكثر من يطبقونه فى حياتهم بنفس الصورة .. و المعنى أن الأشياء تبدو كبيرة كهرم، ثقيلة كمجن و هي فى حقيقتها المفككة أقل كثيرا مما تصورنا.

المصريون مولعون بالمبالغات حتى فى نمط حديثنا (أنا من أولئك القوم .. لازال الأصدقاء يتعجبون من ذلك المصري صاحب الضحكة العالية و الكلمات المنبهرة تحفة و هايل و رائع و واو .. و هلم جرا .. لكن الأمر ليس حسنا دائما .. فقط هو ضروري لإثبات مصريتك أو هو  إجباري من تلك الجينات المصرية).

 إن فاز فريق كرة فالفراعنة قادمون و إن أخطأ أحدهم فى عدد سنوات مسيرتنا الحضارية قائلا بأنها لا تعدو 5 الاف عام .. انبرينا له بل هي  7 الاف و ربما أكثر ..  نطبق المثل المصري العبقري "ادعي على ابني و أكره اللي يقول امين" .. ننتقد الوطن و البشر و الحجر فإن جاء غير مصري ادلى بدلو شماتة أو انتقاد لاذع كان الرد دفاعا مستميتاً حتى عن أخطاءنا و نردد مع صلاح جاهين:

على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء
أنا مصر عندي أحب و أجمل الأشياء
بحبها و هي مالكة الدنيا شرق و غرب
بحبها و هي مرمية جريحة حرب
أحبها بعنف و رقة و على استحياء
و اشتمها و ألعن أبوها بعشق زي الداء
 (رابط القصيدة كاملة هنا)

ليس هناك من شعب يذوب عشقا فى وطنه كما المصريون .. يحبونها على أي حال حتى و إن علاها التراب و علا مشاعرهم صدأ الحرمان .. و لكننا نحبها أكبر حين يتجلى فيها معاني الإباء .. تلك بداية

مشهد أول:

ثارت المخاوف و انتشرت أقاويل القوم عن المجلس العسكري و قوته و هل من سبيل للتخلص منه لنستكمل المسيرة .. بدا الأمر جبلا شاهقا بحق .. لكن مرسي فعلها بقفاز ناعم رقيق و مر الأمر كأنه حلم سريع لم نصدقه حتى اللحظة..
كان الصباح التالي أجمل إشراقات أيام مصر .. يوم بدون عسكر فى الحكم لأول مرة منذ انقلبوا على مليكهم



 كان خروجا  سلسلا للعسكر  لم يثيروا قلاقل و لم يحدث الانقلاب الذي تسابق الجمع فى تحديد موعده (حتى أن شباب الإخوان و الثوار تدافعوا فى حركة محمودة للميادين دفاعا عن قرارات الرئيس) .. و لا أعرف هل كان تقبُل الأمر من قِبل الجنرالات بهذه السلاسة هو نتيجة صفقة الخروج الآمن كما روج البعض أو لأن هناك ملفات سوداء تتعلق بالفساد و صفقات السلاح تجعلهم فى موقف لايحسدون عليه (يقال بأن مدير المخابرات المقال مراد موافي سربها للرئيس) أو أنها الفروسية المصرية المعتادة (ربما نكون أشراراً بعض الشيء ..  لكننا لسنا مجرمين)
أيا يكن الأمر .. كان الإخراج أنيقا للغاية : إحالة للتقاعد و ميدالية من الذهب المطعم بالياقوت و كلمة قوية لكن برقة من الرئيس فى احتفال ليلة القدر  (ما اتخذته من قرارات ليست موجهة ضد مؤسسة أو أفراد و لا تقييد حرية من خلقهم الله أحرارا و إنما لمصلحة الوطن)  يا لأناقة الكلمات !


كلمة الرئيس مرسي فى ليلة القدر


يذهب الجنرالان ليقابلا رئيسهما و يحصلا على ميداليتهما يلتقطان الصور معه .. و هكذا يُسدل الستار (مشهد كلاسيكي من أفلام الفرسان)  الأمر يستحق التحية على الإخراج اللائق بحق.



فيديو مراسم منح قلادة النيل لطنطاوي وقلادة الجمهورية لعنان

تبقى هناك مسألة الحقوق .. هؤلاء تسببوا فى قتل ثوار طوال العام و النصف الفائت .. فلندع للساسة حساباتهم و لنا حساباتنا .. يجب أن نكافح حتى يلقى من أذنب أو تسبب فى قتل مصريين خطأً كان أو عمدا المحاكمة العادلة ليشفي الله صدور أمهات أُحرقت أكبادهم حزنا على مفقوديهم و ليكن مُثبتا فى تاريخنا الحاضر بأنه لا إفلات من العقاب .. إنها دروس أولية فى تثبيت مبدأ سيادة القانون (نتذكر كلمة الرسول الكريم حين تشفع كبار صحابته فى إمرأة من أشراف القوم سرقت: و الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها .. لا فرق بين وزير و غفير الكل أمام القانون سواء)

مشهد ثانٍ:

الدكتور مرسي الرجل الإخواني شديد التدين شديد الالتزام  (تنطلق المدافع: سيأخذ بلادنا لشاطىء اخر على مركب أصولي إخواني .. الدولة المدنية فى مهب الريح و الأصولية اجتاحت البرلمان و القصر) .. لكن هاهو الرجل فى منصبه رئيس مصري صميم .. لائق المنصب عليه تماما (هل تتخيل الآن أحدا مكانه بعد ما اتخذه من قرارات) .. المسافة تبدو واضحة  بين كونه رئيس منتخب و شيخ متدين و إخواني عتيق .. تقبلناه بسهولة لكن بعد معاناة (نتيجة شك مزمن و ماكينة إعلامية خربة) .. بذقنه الكثة قليلا و قامته الأقل طولا قليلا من سابقه (كان يخجلني منظر المخلوع و هو قصير القامة بجوار رؤوساء أمريكا مثلا .. ففى مصر عمالقة و لاعبي كرة سلة كُثر يصلحون للمنصب أكثر منه .. و أظن ذلك كان انعكاسا نفسيا للحالة المتردية و تقزيم الوطن التى وضعنا فيها ذلك الرجل)  .. لكن قامة مرسي اليوم  لا تبدو مشكلة إطلاقا و إنما ترى فيها ذلك الذكاء و الخبث اللطيف فى نظرات مرسلة  من تحت نظارة طبية كما ينبغي لأستاذ جامعة و مهندس شاطر (الشاطر هنا صفة و ليست إشارة لأي اسم) و رئيس حاذق أيضا.

رجل يلبس الجلباب الرمادي المخطط و يصلي الفجر حاضرا و يخطب فى الناس بلغة عربية رصينة و ثقافة دينية عريضة و بلا ورقة (مسألة تثير الفخر حقا بعد أن كانت الوريقات بخطها العريض و لغتها الركيكة تعبق أجواء أهل الحكم) .. رجل يمشط شعره على الجنب (مثل جل المصريين الذين يحاولون كثيرا إيجاد وضع مريح لشعرهم ثم يستقر الأمر على شعر قصير و مده بامتداد الرأس بالجنب .. ربما كان الحافز أيضا ذلك الخوف التاريخي من الصلع). انتفض الرجل غضبا  (قولا و فعلا) كما يليق برجل صعيدي لمن أخذوا غدرا فى رفح و كانت قراراته بلا مساومة و لا تردد ( السكين فى الزبدة يبدو مثلا غير كافٍ تماما هنا)

تبقى كلمات

لدينا رئيس تركزت بيت يديه سلطات يخاف منها أولو العزم و صادقي النوايا من البشر .. لذا وجب فتح الأعين واسعا جدا و الدفع بقوة و عدم الارتكان لثقتنا فى الرجل و تقواه (فالتجارب التاريخية تحكي الكثير عن عظماء أخذتهم السلطة المطلقة بعيدا فكانت المفسدة المطلقة و انتشر القول بأن السلطة هي ضرع اللذة الذي لا يُرجى منه فطام .. نريد فطاما سريعا رحمكم الله)

أمران:

المعتقلون واجب إطلاقهم بلا تأخير و لا إبطاء .. و الرجل يجتهد فى ذلك

أما الأمر الآخر: فهو الكفاح حتى يستقر نظامنا السياسي تماما فى هيكل مؤسسي نرضى عنه و نطمئن أن ماكينة الديمقراطية التى حلمنا بها حتى هرمنا وجدت طريقها فى دستور عادل و قصر مؤمن بمبادئها بلا مواربة و مجلس شعب يعبر عنها و يؤكدها و قضاء يتابع و يحميها .. ليغمض شعب عيونه قريرة بالذي كان و لتأتي أجيال تحصد جميل هذه الأيام العظيمة (الرئيس دعا فعلا لحوار وطني حول الصلاحيات التشريعية التى بين يديه).

علينا الحذر من المرجفين فى المدينة الذين تغلبهم مصالحهم الذاتية و أفقهم السياسي الضيق و انتمائهم للزمن الذي أدبر بلا عودة .. الذين لا يرون إنجازا و لا عملا حسنا فيما كان .. كل ما يرونه هو مصالحهم المبنية على فساد مضى يتوقون لعودته أو خصومة سياسية  تعميهم عن صالح عام و مستقبل وطن (الكلام هنا عن شخصيات مالية و إعلامية و إدارية يعلمها الجميع) .. لهم حق الكلام (ضريبة الديمقراطية) .. لكن لنا كل الحق فى تمييز الغث و رفضه (بالكلام أيضا و بالقانون و نشر الوعي).



عبدالعظيم التركاوي
برلين رمضان/أغسطس 2012