‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقتطفات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقتطفات. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 9 سبتمبر 2013

محاضرة مع الفيلسوف الشهير دانيل دينيت Daniel Dennett

طبعًا القاعة كانت مليئة بطلبة دكتوراه من جامعات مختلفة يشدون الرحال للحضور عنده أسبوعيًا
تحدث طويلا عن شروط النقد، يقول إنه يرى أن ليس من حقك أن تبدأ في الهجوم على فكر خصمك أو حتى النطق بجملة واحدة في نقده حتى تفعل ٣ أشياء - هذا *قبل* أن تبيّن أخطاءه الفكرية مهما كانت فاحشة:
١- تعيد شرح وجهة نظر خصمك وتلخص فكره بطريقة فصيحة واضحة مقنعة بحيث إذا سمعك قال: نعم هذه بالضبط وجهة نظري ليتني شرحتها للناس بهذا الوضوح!
٢- تبحث عمّا تتفق معه عليه وتذكره
٣- تبحث عن أي شيء جديد استفدته منه وتشكره عليه هنا يمكنك أن تبدأ بالنقد،
يقول دينيت إن هذا الأسلوب في نقد الخصم (Rapoport's rules)
يفعل شيئين مهمّين لا تجدهما بباقي أساليب النقد:
أولا: يتجنب الجدل العقيم حول الفهم الخاطئ "أنت لم تقرأ أو تفهم وجهة نظري جيدا.. نقدك كله خاطئ لأنه مبني على سوء فهمي"
ثانيًا: يجعل خصمك راغبًا بالاستماع إلى نقدك والاستفادة منه والتحاور البنّاء معه،
هنا يكون النقد ليس صحيحًا علميّا فحسب بل كذلك ممتع ومفيد لتطوّر الفكر الإنساني


Maysoon Al-Suwaidan

http://instagram.com/p/d3MPRRp24k/

http://www.facebook.com/terkawi/posts/10201100886938921

الأربعاء، 4 سبتمبر 2013

طاحونة الفاشية !!

و هكذا تستمر طاحونة الفاشية في الدوران .. 
سنستعيد الكلمات يا رفيقي: دي بلدهم مش بلدنا .. !!

يكتبها #مدحت_العدل و يلحنها #أحمد_الحجار و يغنيها #علي_الحجار : أنتو شعب و احنا شعب .. 
هكذا يدور الحمقى في فلك النجم الكاكي لنخسر الوطن و نخسر أنفسنا .. 
عايز أشتمهم جدا و بكلمات قبيحة جدا .. لكن للأسف قاموسي مش هيوفيهم حقهم كاملا .. !!


http://youtu.be/YJw-miMU0Pc

إذا كنت عايز تعرف ما معنى دور الإعلام في تثبيت قيم المجتمع .. شوف الحلقة دي ..
في قمة الفاشية ضد المسلمين في أمريكا بعد الهجمات الإجرامية .. يلعب الإعلام دوره في الدفاع عن قيمة العدالة .. و في الذود عن حق المواطن الأمريكي المسلم فيها ..



http://youtu.be/F4NI9U4c0Tg

شوية نظر يا من لا زال عندكم بعض النظر

#عبدالعظيم_التركاوي

http://www.facebook.com/terkawi/posts/10201087289118984

الأربعاء، 28 أغسطس 2013

في أن نفتح أعيننا واسعة

في أن نفتح أعيننا واسعة .. فلا تسوقنا موجة عالية و لا عقال الإعلام .. الحقيقة مبعثرة تحتاج لأولي ألباب و باحثين مهرة !! 
أن ننقي ضمائرنا من فتات القوالب و يكون رأس مالنا أمانتنا الصادقة في تقييممع ما اعتقدنا و ما نقد ما اعتقده غيرنا ..!!
و هل يعرف الرجال إلا بالحق و إن كانو غرباء في زمن الموجة العاتية..؟!
عبدالعظيم

مقولتان:
ـ «أعرف أنك منذ مدة كففت عن أن تقرأ ماكبث أو غيرها. لم تعد تقرأ غير الكتب التي تثبت لك أنك علي حق وأن كل الآخرين علي خطأ. ولكن احذر يا خالد!.. احذر لأن كل الشرور التي عرفتها في الدنيا خرجت من هذا الكهف المعتم. تبدأ فكرة وتنتهي شرا: أنا على حق ورأيي هو الأفضل. أنا الأفضل إذن فالآخرون علي ضلال. أنا الأفضل لأني شعب الله المختار والآخرون أغيار. الأفضل لأني من أبناء الرب المغفورة خطاياهم والآخرون هراطقة. الأفضل لأني شيعي والآخرون سنة أو لأني سني والآخرون شيعة. الأفضل لأني أبيض والآخرون ملونون أو لأني تقدمي والآخرون رجعيون. وهكذا إلى ما لا نهاية»

الروائي الكبير بهاء طاهر من روايته الرائعة (الحُب في المنفى)


ـ «الصحفي الأمريكي الاستقصائي الأشهر آي إف ستون قال لطلابه ذات مرة «إن كنتم تريدون أن تصبحوا صحافيين متميزين يجب ان تتذكروا فقط كلمتين سهلتين «الحكومات تكذب» ليس فقط الحكومة الأمريكية ولكن بصفة عامة كل الحكومات تكذب»، قد يبدو هذا مثل بيان فوضوي ولكن الفوضويون هنا محقون، إنهم على صواب عندما ينزعون إلى الريبة والشك بخصوص أولئك الممسكين بالسلطة الرسمية، وذلك لأن هؤلاء المسئولين يميلون في الغالب إلى الكذب من أجل مواصلة البقاء في السلطة... من واجب المبدع أن يسمو ويتعالى ليفكر خارج حدود الفكر المسموح ومن ثم يتجرأ ليقول أشياء لا يستطيع قولها الآخرون. لقد تجرأ مارك توين على قول أمور لم يكن الكثيرون في البلد يقدرون على قولها، وبالطبع على الفور تم الطعن في وطنيته، فور أن تتحدث خارج الحدود المرسومة من السلطة وفور قولك أشياء تخالف ماتقوله المؤسسة والإعلام والمفكرون الكبار فإن التساؤل والطعن يبرز في وطنيتك فورا. إذا كان هناك أي شيئ ينبغي للمبدع تحقيقه فهو الأمانة، يجب أن نمتلك القدرة لفحص أنفسنا ولفحص بلدنا بأمانة ووضوح، وتماما بطريقة فحصنا للأشياء المروعة نفسها التي يفعلها الناس في أماكن أخرى، يجب أن نكون مستعدين لفحص الأشياء الفظيعة التي تفعلها حكومتنا هنا. الشيئ الواجب علينا كمبدعين سواءا كنا نكتب او ننتج أفلاما أو نخرج أفلاما أو نعزف موسيقى أو نمثل أو مهما كان دورنا، يجب ألا يكون فقط أن نجعل الناس يشعرون بالسعادة والإلهام، ولكن أيضا أن نعلم جيلا جديدا أهمية تغيير العالم».

المؤرخ الأمريكي البارز هوارد زن من كتابه الرائع (قصص لا ترويها هوليود مطلقا) ترجمة حمد العيسى.

نقلا عن مقال بلال فضل
http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=25082013&id=775d1abb-b0f0-41db-993b-d8722f67f51b

قلمين:
● من بين كل التفاصيل التي شهدتها الساحة لست مهتما إلا بالتأكد من تفصيلة واحدة، هل ثبت علميا أن الأسد لا يأكل أولاده؟، وهل يمكن أن يقتلهم بدون أن يأكلهم حرفيا؟.

● ظني أن اللحظة التي كفت فيها ملائكة الرحمة عن التدخل في شئوننا نهائيا، وتركتنا نواجه مصيرنا المحتوم، هي تلك اللحظة التي تمت فيها ترجمة إرسال بعض القنوات المصرية إلى أردأ أصناف اللغة الإنجليزية.
http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=28082013&id=aca75472-f0e3-44a6-bec2-2fd346b52cf8

http://www.facebook.com/terkawi/posts/10201049268768499

الخميس، 25 يوليو 2013

مقال د.هبة رؤوف عزت - الحشود و الجنود و القوة




مقال طويل طويل لكن Heba Raouf Ezzat - هبة رءوف عزت وضعت أفكارها كلها و حكمتها وحزنها ربما غضبها
جدلت كل تلك الأفكار في ضفيرة جميلة و عبرت بها عنا تماما !!

لدى نقطتان:
١. نزول الدكتورة هبة للشارع .. و اختلاطها بالناس و الاستماع إليهم و النصح لهم و نشر الوعي بينهم .. فضلت ذلك لقاءات الإعلام .. طبقت مقولة أستاذها الفذ (المثقف مكانه الشارع) .. تبهرني هذه السيدة و رفاقها كثيرا و يزداد حبنا لهم أكثر

٢. تحليل موقف الجيش اختلف معها فيه: د. هبة حللت الموقف باعتبار الجيش قوة موسسية توافقية .. لكن الآن الموقف أسوأ من كل المراحل السابقة حتى أيام طنطاوي و سنحتاج لوقت طويل لنستفيق منه. 
السيسي نقل الجيش تماما لحالة الخصومة كطرف يحمل القوة الرادعة .. و تطور الموقف بخطاب الأمس الذي ألقاه السيسي كزعيم أمة دون اعتبار لهيكل الدولة ليصبح الجيش و و من قبله قائده فوق كل قوة أو مؤسسة .. ربما تكون المعركة القادمة و التي جندت لها الوسائل الإعلامية بفاشية مقدمة لانقضاض نهائي لصناعة صورة الزعيم .. و تغيير هيكل الدولة تماما
----
نقاط من المقال

بدأت كتابة هذا المقال صباح الثلاثاء في سيناء وأنا أسجل ملاحظات ورؤى أبناء هذا الجزء العزيز من الوطن على ما يجري في الوادي..أجلس في الوديان مع مشايخ وشباب ونحن نحتسي الشاي بالحَبَق بعد الافطار.. يروون لي تاريخ الاحتلال الاسرائيلي..وحبهم للوطن ..وينظرون بعين البصيرة للخرائط ويؤكدون لي أنه لا مناص من تفاوض القوى السياسية (قال لي أحدهم لو كانت المشكلات عندنا لجلسنا وقمنا بحلها ) ويتحدثون معي عن إشكاليات تعامل الدولة مع سيناء كملف أمني فقط .. وأقيس ما عندهم من حكمة السنين مع ما عندي من رؤية للواقع تجمع بين المعرفة النظرية في مجال الاجتماع والسياسة -غايتها الحفاظ على الوطن وأهله وناسه وجيشه وكرامة مواطنيه وناخبيه ..وحرمة دماء كل إنسان فيه.
وها أنا أكتب في طريقي للعودة للعاصمة ..المركز..القاهرة.

في تصريحات وحوارات صحفية لرموز سياسية ما يكشف أن الإعداد لهذه اللحظة سبق بشهور ....وأمام هذا المشهد كان أمامي إما خيار العودة لكتابة تعليقات وتغريدات تلهث وراء تفاصيل الأحداث، أو كان البديل هو : البحث عن مخرج مع تنامي موجة الكراهية وانتشار الدم وتصاعد التحريض من كل فصيل ضد الآخرين من على كل المنصات وتحت كل الشعارات -وهي آفة المشهد السياسي لشهور ..وكان لزاماً التفكير في كيفية التعامل مع وقف وإجهاض المسار الانتخابي والدستوري الذي كان خارطة الطريق التي ارتضاها أغلبية الشعب بانتخاب نوابه ثم بانتخاب أول رئيس مدني والتصويت على دستور..أياً ما كان رأينا في مجلس الشعب أو في الدستور أو في شخص أو أداء الرئيس.

كان رأيي لمن كان يقول لي أن محمد مرسي لم يترك خياراً آخر..هو أن "الملايين" التي نزلت ٣٠ يونيو لو بقيت في الشوارع أسبوعاً وبشكل سلمي وحافظت على المسار الديمقراطي الانتخابي لتغير المشهد برمته ولكن وفق نفس القواعد السلمية الديمقراطية..ولما وصلنا لهذا المأزق .. وكان سيغدو لهم كمواطنين كامل الحق في الإصرار على ذلك..لكن ما حدث هو أن قطاعاً من الشعب حظي بالحماية والمساندة ، وكان حظ ملايين أخرى الاستباحة الإعلامية والقتل العشوائي- دون تمييز بين من يحمل سلاحاً يحق للدولة القبض عليه ومن يتحرك بسلمية ينبغي حمايته لا تسليمه للقتل وإعمال القنص..واختلط الحابل بالنابل ودقت طبول الحرب وزاد نزيف الدم.

تصريحات وزير الدفاع ونداءه لنزول "الشرفاء" يجعل كل المساعي والجهود للتفكير المتكامل في البحث عن مخرج تصاب بالخذلان والشلل التام ..وذلك لأنه يقوم وللمرة الثانية -و خلال أسابيع – بالقفز حتى على الواجهة الديمقراطية الهشة التي يحاول بها تحسين صورة الأوضاع أمام العالم. فدعوته "الشعب"مباشرة للنزول للشارع لمنحه تفويضاً بمكافحة "الإرهاب" – هكذا- دون أن يحدد ما نطاقه وتعريفه..ولا توضيح الفارق والتمييز بين ما يجري في سيناء من جماعات مسلحة مثلا وما يحدث في شوارع القاهرة أياً كانت درجة عنفه وطبيعة أطرافه.. ودون إطار قانوني واضح..وخارج الصندوق تماما ..وفي غياب دستور ومجلس شعب..يجعل الفريق عبد الفتاح السيسي محتكراً-للمرة الثانية- للحديث باسم الإرادة الشعبية ومتجاوزاً ..للمرة الثانية ..رئيس الجمهورية المؤقت بعد أن قام سابقاً بإزاحة وإخفاء الرئيس المدني المنتخب في "مكان آمن"- ويبدو أنه سيكون المكان الآمن الوحيد في مصر لو أصبحت الحرب على الإرهاب عقيدة الجيش المركزية بتعريف مفتوح وغامض لمن هو الإرهابي وما هو الإرهاب.(جيلي يذكر مشهد التسعينات في مصر..ثم مشهد الولايات المتحدة نفسها داخليا في ظل حملة الحرب على الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر)
هذه الدعوة التي وجهها وزير الدفاع عامة للناس للنزول لدعمه تنذر باقتتال أهلي مفتوح لا نرجوه لمصر..- بدلاً من دور الجيش الذي كان منشوداً في نزع فتيل ذلك- والذي أراه ما زال ممكناً وما زال مطلوباً بأسرع وقت.

..إن هناك -يا سادة - حدوداً للقوة وللسيطرة .. والسلطة السيادية لا تقوم على أدوات القوة وحدها أبدا بل تستند أصلاً وشرعية على توافق مجتمعي وثقافي في الحد الأدنى يشهد اليوم انحساراً ..وزاده تدخل الجيش في المشهد استقطاباً ،وهناك مهام للمؤسسات العسكرية في الدولة الحديثة وهناك منطق للمجتمعات ودورات حياة للقيم المدنية، والديمقراطية ليست وثناً لكنها آليات وصيغ توافقية على انتقال السلطة لتجنيب الشعوب ويلات النزاعات الأهلية..وصراع محتمل بين المجتمع والسلطة.استخدام القوة في حسم الخلاف يدفع ثمنه الجميع عاجلاً أم آجلاً..، والأمن الشامل الذي يحلم به المواطن المصري يحتاج خطة واضحة ومساراً محدداً..والكرامة والإرادة الشعبية لها مؤشرات ومسارات. وتعلمنا في الدراسات الاجتماعية أنه كلما قلت درجة التوافق على قواعد إدارة الثروة والسلطة ارتفعت درجة العنف..سواء أكان عنف الدولة أم عنف المجتمع. (أبجديات مكررة)

إن مطلب الأمن الشامل لن يتحقق إلا بالعودة لقواعد احترام إرادة الناخبين وسلمية المجتمع وقيام السلطة بدورها في تأمين كل المواطنين دون تمييز واحترام القانون وتفعيل مسار الاصلاح الأمني بشفافية ، والعودة قبل فوات الأوان -ليس لحكم مرسي ولا حكم الإخوان- بل لمعيار إرادة الناخبين كما يعبرون عنها في الصناديق وعبر الانتخابات..وليس بالترويج لحشد الحشود بدعوة من وزير الدفاع ..أو القبول بديمقراطية الكاميرات التي تدور بها الطائرات الحربية والمروحيات ..لتعلن الفضائيات –إن أرادت-أن الشعب كله في الشارع..بدون حصر ولا عد..ولا مراجعة..ولا محاسبة. 

إن القوى السياسية مدعوة للجلوس دون شروط مسبقة للاتفاق على خارطة طريق لا تقفز فوق إرادة الملايين وتعيد بناء التيار العام وتوقف الاقتتال الأهلي..وترسم للجيش حدود والقواعد التي سيتحرك في إطارها..خارطة طريق يحترم فيها الإعلام إنسانية البشر وأمانة النقل وتقديم المصالح العامة..ويضع فيها هذا المشهد أوزاره..وتعترف القوى المختلفة بأخطاءها (لا أحد هنا يعترف باي أخطاء) وتحدد أولويات المرحلة القادمة مع إعطاء أولوية لملف مياه النيل وإنقاذ الاقتصاد.
وإذا كان هناك لجنة للحقيقة والعدالة ثم المصالحة الوطنية نحتاجها الآن فإن على النخب أن تفسح المجال لصوت أهالينا في المحافظات..فاحتكار نخبة القاهرة والطبقات الوسطى والعليا الحديث باسم مصر أهلكنا ..أو يوشك.
ستخرج مصر من هذه الحقبة..نأمل فقط أن يكون ذلك بأقل خسائر..فقد سمحت لي ظروفي بدراسة التجربة الألمانية في الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين بشكل تفصيلي، والاطلاع على تجربة جنوب افريقيا بزيارتين لهذا البلد بعد سقوط نظام الفصل العنصري في التسعينات ..وقرأت الكثير من أدبيات الحرب اللبنانية.....ونعم ..كان هناك دوماً في التاريخ قطاع من الشعوب يقبل كما رأينا نمو فاشية عسكرية أو فاشية دينية أو حتى سياسات فصل عنصري ..حدث هذا وتكرر في تاريخ الإنسانية.. ولم يشعر هؤلاء الذين قبلوا ذلك بالعار إلا بعدها بسنوات طويلة.

نعم..حدث بالفعل.

نرجو أن يتعلم الناس من التاريخ ..ومن سنة الله في الذين خَلَوا من قبل.
كان ضمن آخر ما كتبته في جريدة الدستور ٢٠١٠ قبل ثورة ٢٥ يناير سلسلة مقالات تحت عنوان "عودة الجمهورية" تحدثت فيها عن رفض التوريث والاستبداد والقبضة البوليسية التي لا تحترم كرامة وحقوق المواطن ليس فقط لأنها ضد الديمقراطية بل لأنها تهدم قيم الجمهورية ، ولم تكن غايتنا من ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ فقط تأسيس ديمقراطية كنا نطالب بها لسنوات طويلة في الشارع مروراً بالدفاع عن القضاة ٢٠٠٦..بل حراسة وحماية "الجمهورية" .. بعد دعوة الفريق السيسي على الجميع أن يعرف حساسية وخطورة ما نحن بصدده ..وخيارات الناس في النهاية أماناتهم في الدنيا والآخرة -- وأخشى أن مخاطبة الفريق السيسي مباشرة للشعب بالنزول لتفويضه في مكافحة العنف والإرهاب ينقل مصر اليوم من طريق الجمهورية إلى مسار "الجماهيرية"..وعلى المصريين أن يفكروا جيداً في عواقب ذلك على كرامتهم وحريتهم ..وأمنهم.

والله أعلم..

ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين
رب اجعل هذا البلد آمناً
..
هبة رءوف عزت
مواطنة مصرية

http://www.facebook.com/terkawi/posts/10200838947870608

السبت، 8 يونيو 2013

ما جمع كلمة وحي؟!

بمناسبة امتحانات الثانوية .. اليوم كان عربي :)

سؤال جهنمي من الامتحان:
-السؤال ما جمع كلمة وحي؟! و وجوه الممتحنين تعلوها الحيرة حتى الصباح :D

-الجواب: وُحِيَّ (بعد البحث في المعجم)

فَمَدَافِعُ الرَّيَّاتِ عُرِّيَ رَسْمُها ... خَلَقاً كما ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُها
شعر لبيد
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=8945&idto=8945&bk_no=122&ID=8958

تعليقان :)

Mohamed Mazhar
-عملت إيه يا ابني في إمتحان العربي بتاع انهاردة 
-الحمد لله 
-والله يا ابني بدعيلك من إمبارح! 
-إبقى أتوضى قبل ما تدعي يا شيخ حسااان

Nermeen Bedair
مفيش تعليم هايتصلح ف البلد دي الا لو اتلغت الجملتين دول م القاموس:
جملة "امتحان في مستوى الطالب المتوسط"
وجملة "تلقت الوزارة شكاوى من صعوبة الامتحان"

**

كل التوفيق للجميع :)

http://www.facebook.com/terkawi/posts/10200541446873269

الأحد، 20 يناير 2013

البردة ...قصيدة جديدة لتميم البرغوثى

تميم البرغوثي يعارض الإمام البوصيري في "البردة" و أمير الشعراء أحمد شوقي في "نهج البردة" بقصيدة بديعة في مديح الحبيب:

ما ليْ أَحِنُّ لِمَنْ لَمْ أَلْقَهُمْ أَبَدَا    ***    وَيَمْلِكُونَ عَلَيَّ الرُّوحَ والجَسَدَا
إني لأعرِفُهُم مِنْ قَبْلِ رؤيتهم    ***     والماءُ يَعرِفُهُ الظَامِي وَمَا وَرَدَا
وَسُنَّةُ اللهِ في الأحبَابِ أَنَّ لَهُم   ***      وَجْهَاً يَزِيدُ وُضُوحَاً كُلَّمَا اْبْتَعَدَا
كَأَنَّهُمْ وَعَدُونِي فِي الهَوَى صِلَةً    ***    وَالحُرُّ حَتِّى إذا ما لم يَعِدْ وَعَدَا

نِّي لأَرْجُو بِمَدْحِي أَنْ أَنَالَ غَدَاً  *** مِنْهُ الشَّجَاعَةَ يَوْمَ الخَوْفِ وَالمَدَدَا
أَرْجُو الشَّجَاعَةَ مِنْ قَبْلِ الشَّفَاعَةِ إِذْ ***   بِهَذِهِ اليَوْمَ أَرْجُو نَيْلَ تِلْكَ غَدَا
وَلَسْتُ أَمْدَحُهُ مَدْحَ المُلُوكِ فَقَدْ  *** رَاحَ المُلُوكُ إِذَا قِيسُوا بِهِ بَدَدَا
وَلَنْ أَقُولَ قَوِيٌّ أَوْ سَخِيُّ يَدٍ  ***  مَنْ يَمْدَحِ البَحْرَ لا يَذْكُرْ لَهُ الزَّبَدَا






الجمعة 18 يناير 2013



1  - ما ليْ أَحِنُّ لِمَنْ لَمْ أَلْقَهُمْ أَبَدَا    ***    وَيَمْلِكُونَ عَلَيَّ الرُّوحَ والجَسَدَا
2-   إني لأعرِفُهُم مِنْ قَبْلِ رؤيتهم    ***     والماءُ يَعرِفُهُ الظَامِي وَمَا وَرَدَا
3- وَسُنَّةُ اللهِ في الأحبَابِ أَنَّ لَهُم   ***      وَجْهَاً يَزِيدُ وُضُوحَاً كُلَّمَا اْبْتَعَدَا
4- كَأَنَّهُمْ وَعَدُونِي فِي الهَوَى صِلَةً    ***    وَالحُرُّ حَتِّى إذا ما لم يَعِدْ وَعَدَا
5 - وَقَدْ رَضِيتُ بِهِمْ لَوْ يَسْفِكُونَ دَمِي  ***    لكن أَعُوذُ بِهِمْ أَنْ يَسْفِكُوهُ سُدَى
6 - يَفْنَى الفَتَى في حَبِيبٍ لَو دَنَا وَنَأَى ***    فَكَيْفَ إنْ كَانَ يَنْأَى قَبْلَ أن يَفِدَا
7- بل بُعْدُهُ قُرْبُهُ لا فَرْقَ بَيْنَهُمَا  ***     أزْدَادُ شَوْقاً إليهِ غَابَ أَوْ شَهِدَا
8-   أَمَاتَ نفسي وَأَحْيَاها لِيَقْتُلَها    ***  مِنْ بَعدِ إِحيَائِها لَهْوَاً بِها وَدَدَا )1)
9-  وَأَنْفَدَ الصَّبْرَ مِنِّي ثُمَّ جَدَّدَهُ   ***     يَا لَيْتَهُ لَمْ يُجَدِّدْ مِنْهُ مَا نَفِدَا
10 - تعلق المَرْءِ بالآمَالِ تَكْذِبُهُ     ***  بَيْعٌ يَزِيدُ رَوَاجَاً كُلَّمَا كَسَدَا
11-  جَدِيلَةٌ هِيَ مِن يَأْسٍ وَمِنْ أَمَلٍ    ***   خَصْمانِ مَا اْعْتَنَقَا إلا لِيَجْتَلِدَا
12- يَا لائِمي هَلْ أَطَاعَ الصَّبُّ لائِمَهُ  ***   قَبْلِي فَأَقْبَلَ مِنْكَ اللَّوْمَ واللَّدَدَا ( 2)
13 - قُلْ للقُدَامَى  عُيُونُ الظَّبْيِ تَأْسِرُهُمْ   ***  مَا زالَ يَفْعَلُ فِينا الظَّبْيُ ما عَهِدَا
14- لَمْ يَصْرَعِ الظَّبْيُ مِنْ حُسْنٍ بِهِ أَسَدَاً ****  بَلْ جَاءَهُ حُسْنُهُ مِنْ صَرْعِهِ الأَسَدَا
15- وَرُبَّمَا أَسَدٍ تَبْدُو وَدَاعَتُهُ ***  إذا رَأَى في الغَزَالِ العِزَّ والصَّيَدَا
16- لَولا الهَوَى لَمْ نَكُنْ نُهدِي ابْتِسَامَتَنَا ***   لِكُلِّ من أَوْرَثُونا الهَمَّ والكَمَدَا
17- وَلا صَبَرْنَا عَلَى الدُّنْيَا وَأَسْهُمُها  ***  قَبْلَ الثِّيابِ تَشُقُّ القَلْبَ والكَبِدَا
18- ضَاقَتْ بِمَا وَسِعَتْ دُنْياكَ وَاْمْتَنَعَتْ ***  عَنْ عَبْدِهَا وَسَعَتْ نَحوَ الذي زَهِدَا
19- يا نَفْسُ كُونِي مِنَ الدُّنْيَا عَلَى حَذَرٍ  *** فَقَدْ يَهُونُ عَلَى الكَذَّابِ أَنْ يَعِدَا
20- وَلْتُقْدِمِي عِنْدَمَا تَدْعُوكِ أَنْ تَجِلِي *** فَالخَوْفُ أَعْظَمُ مِنْ أَسْبَابِهِ نَكَدَا
21- لْتَفْرَحِي عِنْدَمَا تَدْعُوكِ أَنْ تَجِدِي  *** فِإنَّهَا لا تُسَاوِي المَرْءَ أَنْ يَجِدَا (3)
22- وَلْتَعْلَمِي أَنَّهُ لا بَأْسَ لَوْ عَثَرَتْ   *** خُطَى الأكارمِ حَتَّى يَعرِفُوا السَّدَدَا ( 4)
23-  ولا تَكُونِي عَنِ الظُلام راضِيَةً ***  وَإنْ هُمُو مَلَكُوا الأَيْفَاعَ وَالوَهَدا (5)
24-  وَلْتَحْمِلِي قُمْقُمَاً في كُلِّ مَمْلَكَةٍ  ***  تُبَشِّرِينَ بِهِ إِنْ مَارِدٌ مَرَدَا
25-  وَلْتَذْكُرِي نَسَبَاً في الله يَجْمَعُنَا ***  بِسَادَةٍ مَلأُوا الدُّنْيَا عَلَيْكِ نَدَى
26-  فِدَاً لَهُمْ كُلُّ سُلْطَانٍ وَسَلْطَنَةٍ ***  وَنَحْنُ لَوْ قَبِلُونَا أَنْ نَكُونَ فِدَا
27-   عَلَى النَّبِيِّ وَآلِ البَيْتِ والشُّهَدَا  ***  مَوْلايَ صَلِّ وَسَلِّمْ دَائِمَاً أَبَدَا

****
28-  إِنِّي لأَرْجُو بِمَدْحِي أَنْ أَنَالَ غَدَاً  *** مِنْهُ الشَّجَاعَةَ يَوْمَ الخَوْفِ وَالمَدَدَا
29-  أَرْجُو الشَّجَاعَةَ مِنْ قَبْلِ الشَّفَاعَةِ إِذْ ***   بِهَذِهِ اليَوْمَ أَرْجُو نَيْلَ تِلْكَ غَدَا
30-  وَلَسْتُ أَمْدَحُهُ مَدْحَ المُلُوكِ فَقَدْ  *** رَاحَ المُلُوكُ إِذَا قِيسُوا بِهِ بَدَدَا
31- وَلَنْ أَقُولَ قَوِيٌّ أَوْ سَخِيُّ يَدٍ  ***  مَنْ يَمْدَحِ البَحْرَ لا يَذْكُرْ لَهُ الزَّبَدَا
32- وَلا الخَوَارِقُ عِنْدِي مَا يُمَيِّزُهُ  *** فَالله أَهْدَاهُ مِنْهَا مَا قَضَى وَهَدَى
33-  لكنْ بِمَا بَانَ فِي عَيْنَيْهِ مِنْ تَعَبٍ ***  أَرَادَ إِخْفَاءَهُ عَنْ قَوْمِهِ فَبَدَا
34-  وَمَا بِكَفِّيْهِ يَوْمَ الحَرِّ مِنْ عَرَقٍ ***  وَفِي خُطَاهُ إذا مَا مَالَ فَاْسْتَنَدَا
35-  بِمَا تَحَيَّرَ فِي أَمْرَيْنِ أُمَّتُهُ   *** وَقْفٌ عَلَى أَيِّ أَمْرٍ مِنْهُمَا اْعْتَمَدَا
36-  بِمَا تَحَمَّلَ فِي دُنْياهُ مِنْ وَجَعٍ ***  وَجُهْدِ كَفِّيْهِ فَلْيَحْمِدْهُ مَنْ حَمِدَا
37-  بَمَا أَتَى بَيْتَهُ فِي الليْلِ مُرْتَعِدَاً  *** وَلَمْ يَكُنْ مِنْ عَظِيمِ الخَطْبِ مُرْتَعِدَا
38-  وَقَدْ تَدَثَّرَ لا يَدْرِي رَأَى مَلَكَاً ***  مِنَ السَّمَاءِ دَنَا أَمْ طَرْفُهُ شَرَدَا
39-  بِمَا رَأَى مِنْ عَذَابِ المُؤْمِنِينَ بِهِ ***  إِنْ قِيلَ سُبُّوهُ نَادَوْا وَاحِدَاً أَحَدَا
40-  يَكَادُ يَسْمَعُ صَوْتَ العَظْمِ مُنْكَسِرَاً   *** كَأَنَّهُ الغُصْنُ مِنْ أَطْرَافِهِ خُضِدَا (6)
41-  بِمَا رَأَى يَاسِرَاً وَالسَّوْطُ يَأْخُذُهُ ***  يَقُولُ أَنْتَ إِمَامِي كُلَّمَا جُلِدَا
42-  مِنْ أَجْلِهِ وُضِعَ الأَحْبَابُ فِي صَفَدٍ ***   وَهْوَ الذي جَاءَ يُلْقِي عَنْهُمُ الصَّفَدَا (7)
43-  لَمْ يُبْقِ فِي قَلْبِهِ صَبْرَاً وَلا جَلَدَاً  ***  تَلْقِينُهُ المُؤْمِنِينَ الصَّبْرَ وَالجَلَدَا
44-  بِمَا تَرَدَّدَ فِي ضِلْعَيْهِ مِنْ قَلَقٍ ***  عَلَى الصَّبِيِّ الذي فِي فَرْشِهِ رَقَدَا
45-  هَذَا عَلِيٌّ يَقُولُ اللهُ دعهُ وَقَدْ ***  بَاتَ العَدُوُّ لَهُ فِي بَابِهِ رَصَدَا
46-  بَدْرٌ وَضِيٌّ رَضِيٌّ مِنْ جَرَاءَتِهِ ***  لِنَوْمِهِ تَحْتَ أَسْيَافِ العِدَى خَلَدَا
47-  تِلْكَ التي اْمْتَحَنَ اللهُ الخَلِيلَ بِهَا  *** هَذَا اْبْنُهُ وَسُيُوفُ المُشْرِكِينَ مُدَى (8)
48-  بِخَوْفِهِ عن قَليلٍ حِينَ أَبْصَرَهُ ***  فَتَىً يَذُوقُ الرَّدَى مِنْ رَاحَتَيْهِ رَدَى
49-  يُدِيرُ فِي بَدْرٍ الكُبْرَى الحُسَامَ عَلَى  ***  بَنِي أُمَيَّةَ حَتَّى مُزِّقُوا قِدَدَا
50-  وَعِنْدَهُ تْرْبة جبريلُ قَالَ لَهُ  ***  بَأَنْ أَوْلادَهُ فِيهَا غَدَاً شُهَدَا
51-  بِمَا بَكَى يَوْمَ إِبْرَاهِيمَ مُقْتَصِدَاً  *** وَلَمْ يَكُنْ حُزْنُهُ وَاللهِ مُقْتَصِدَا
52-  يُخْفِي عَنِ النَّاسِ دَمْعَاً لَيْسَ يُرْسِلُهُ  *** والدَّمْعُ بَادٍ سَوَاءٌ سَالَ أَوْ جَمَدَا
53-  بِمَا اْنْتَحَى لأبي بَكْرٍ يُطَمْئِنُهُ ***  وَحَوْلَ غَارِهِمَا حَتَّى الرِّمَالُ عِدَى
54-  يَقُولُ يَا صَاحِ لا تَحْزَنْ وَدُونَهُمَا ***   عَلا لأَنْفَاسِ خَيْلِ المُشْرِكِينَ صَدَى
55-  بِمَا تَفَرَّسَ مُخْتَارَاً صَحَابَتَهُ  ***  وَهْوَ الوَكِيلُ عَلَى مَا اْخْتَارَ وَاْنْتَقَدَا
56-  يَدْرِي بَأَنْ قُرَيْشَاً لَنْ تُسَامِحَهُ ***   وَأَنْ سَتَطْلُبُ مِنْ أَحْفَادِهِ القَوَدَا (9)
57-  يَدْرِي وَيَحْلُمُ عَنْهُمْ حِينَ يَغْلِبُهُمْ  ***  وَلا يُعَيِّرُهُمْ بَدْرَاً وَلا أُحُدَا
58-  بِمَا تَحَمَّلَ مِنْهُمْ يَوْمَ قَالَ لَهُمْ  *** بِأَنَّهُ للسَّمَاواتِ العُلَى صَعَدَا
59-  لَوْ كَانَ يَكْذِبُهُمْ مَا كَانَ أَخْبَرَهُمْ ***   أَفْضَى بِمَا كَانَ وَلْيَجْحَدْهُ مَنْ جَحَدَا
60-  ظُلْمُ العَشِيرَةِ أَضْنَاهُ وَغَرَّبَهُ   *** عِشْرِينَ عَامَاً فَلَمَّا عَادَ مَا حَقَدَا
61-  بِمَا تَذَكَّرَ يَوْمَ الفَتْحِ آَمِنَةً   ***  لَمْحَاً فَشَدَّ عَلَى تَحْنَانِهِ الزَّرَدَا (10)
62-  بِخَلْجَةِ الخَدِّ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَحَدٌ   ***  في سَاعَةِ الفَتْحِ مَرَّتْ عِنْدَمَا سَجَدَا (11)
63-  بِمَا خَشِيتَ عَلَيْنَا يَاْ بْنَ آمِنَةٍ  *** والأُمُّ تَخْشَى وَإِنْ لَمْ تَتْرُكِ الوَلَدَا
64-  وَلَو بُعِثْتَ غَدَاً أَصْبَحْتَ تَحْفَظُنَا  *** بِالاسْمِ وَالوَجْهِ أَوْ أَحْصَيْتَنَا عَدَدَا
****
65-  لنا نَبِيٌّ بَنَى بَيْتَاً لِكُلِّ فَتَى ***  مِنَّا وَكُلَّ رَضِيعٍ لَفَّهُ بِرِدَا
66-  وَكُلَّ عُرْسٍ أَتَاهُ للعَرُوسِ أَبَاً  *** يُلْقِي التَّحِيَّةَ للأَضْيافِ وَالوُسُدَا
67-  وَكُلَّ حَرْبٍ أَتَاها للوَرَى أَنَسَاً  ***  وَاْسْتَعْرَضَ الجُنْدَ قَبْلَ الصَّفِّ وَالعُدَدَا
68-  مُمَسِّحَاً جَبَهَاتِ الخَيْلِ إِنْ عَثَرَتْ  ***  حَتَّى تَرَى المُهْرَ مِنْهَا إنْ هَوَى نَهَدَا (12)
69-  مُذَكِّرَاً جَافِلاتِ الخَيْلِ مَا نَسِيَتْ  *** أَنْسَابَهَا كَحَلَ العَيْنَيْنِ وَالجَيَدَا (13)
70-  حَتَّى لَتَحْسَبُ أَنَّ المُهْرَ أَبْصَرَهُ  ***  أَو أَنَّ مَسَّاً أَصَابَ المُهْرَ فَانْجَرَدَا (14)
71-  شَيْخٌ بِيَثْرِبَ يَهْوَانَا وَلَمْ يَرَنَا  ***  هَذِي هَدَايَاهُ فِينَا لَمْ تَزَلْ جُدُدَا
72-  يُحِبُّنَا وَيُحَابِينَا وَيَرْحَمُنَا  ***  وَيَمْنَحُ الأَضْعَفِينَ المَنْصِبَ الحَتِدَا (15)
73-  هُوَ النَّبِيُّ الذي أَفْضَى لِكُلِّ فَتَىً ***  بِأَنَّ فِيهِ نَبِيَّاً إِنْ هُوَ اْجْتَهَدَا
74-  يَا مِثْلَهُ لاجِئاً يَا مِثْلَهُ تَعِبَاً *** كُنْ مِثْلَهُ فَارِسَاً كُنْ مِثْلَهُ نَجُدَا
75-  مِنْ نَقْضِهِ الظُلْمَ مَهمَا جَلّ صَاحِبُهُ  ***  إِنْقَضَّ إِيوانُ كِسْرَى عِنْدَما وُلِدَا
76-  وَرَدَّتِ الطَّيْرُ جَيْشَاً غَازِياً فَمَضَى *** وَقَدْ تَفَرَّقَ عَنْ طَاغِيهِ مَا حَشَدَا
77-  يا دَاعِياً لم تَزَلْ تَشْقَى المُلُوكُ بِهِ  ***  والعَبْدُ لَوْ زُرْتَهُ فِي حُلْمِهِ سَعِدَا
78-  أَنْكَرْتَ أَرْبَابَ قَوْمٍ مِنْ صِنَاعَتِهِمْ *** وَرُبَّمَا صَنَعَ الإنْسَانُ مَا عَبَدَا
79-  وَرُحْتَ تَكْفُرُ بِالأصْنَامِ مُهْتَدِياً  *** مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنْزِلَ اللهُ الكِتَابَ هُدَى
80-  كَرِهْتَهُ وَهْوَ دِينٌ لا بَدِيلَ لَهُ  ***  غَيْرَ التَّعَبُّد فِي الغِيرَانِ مُنْفَرِدَا
81-  وَيَعْذِلُونَكَ فِي رَبِّ تُحَاوِلُهُ  ***  إِنَّ الضَّلالَةَ تَدْعُو نَفْسَهَا رَشَدَا
82-  وَالكُفْرُ أَشْجَعُ مَا تَأْتِيهِ مِنْ عَمَلٍ ***  إِذَا رَأَيْتَ دِيَانَاتِ الوَرَى فَنَدَا
83- وَرُبَّ كُفْرٍ دَعَا قَوْمَاً إلى رَشَدٍ ***  وَرُبَّ إِيمَانِ قَوْمٍ للضَّلالِ حَدَا
84-  وَرُبَّمَا أُمَمٍ تَهْوَى أَبَا لَهَبٍ  *** لليَوْمِ مَا خَلَعَتْ مِنْ جِيدِهَا المَسَدَا
85-  مِنَ المُطِيعِينَ حُكَّامَاً لَهُمْ ظَلَمُوا ***   وَالطَّالِبِينَ مِنَ القَوْمِ اللئامِ جَدَا
****
86-  وكان جِبْرِيلُ مرآة رأَيْتَ بِها  *** في الليلِ نوراً  وفي المُسْتَضْعَفِ الأَيَدَا
87-  أَهْدَاك في الغَارِ بَغْدَادَاً وَقُرْطُبَةً ***  وكلَّ صَوْت كريم بالأَذَانِ شَدَا
88-  تَرَكْتَ غَارَ حِرَاءٍ أُمَّةً أَنِسَتْ ***  وَقَدْ أَتَيْتَ لَهُ مُسْتَوْحِشَاً وَحِدَا
89-  إنْ شَاءَ رَبُّكَ إِينَاسَ الوَحِيدِ أَتَى  ***  لَهُ بِكُلِّ البَرَايَا نِسْبَةً صَدَدَا (16)
90-  فَأَنْتَ تَنْمِيقَةُ الكُوفِيِّ صَفْحَتَهُ ***   قَدْ هَدَّأَ الليْلَ فِي أَوْرَاقِهِ فَهَدَا
91-  وَأَنْتَ تَرْنِيمَةُ الصُّوفِيِّ إِنْ خَشِنَتْ ***  أَيَّامُهُ عَلَّمَتْهَا الحُسْنَ وَالمَلَدَا (17)
92-  أَكْرِمْ بِضَيْفِ ثَقِيفٍ لَمْ تُنِلْهُ قِرَىً   ***   إِلا التَّهَكُّمَ لَمَّا زَارَ وَالحَسَدَا (18)
93-  ضَيْفَاً لَدَى الله  لاقى عند سدرته  ***   قِرىً فَضَاقَ بِمَا أَمْسَى لَدَيْهِ لَدَى
94-  أَفْدِي المُسَافِرَ مِنْ حُزْنٍ إلى فَرَحٍ   ***  مُحَيَّر الحَالِ لا أَغْفَى وَلا سَهِدَا
95- يَرَى المَمَالِكَ مِنْ أَعْلَى كَمَا خُلِقَتْ  ***   تَعْرِيجَ رَمْلٍ أَتَاهُ السَّيْلُ فَالْتَبَدَا (19)
96- والرُّسْلُ فِي المَسْجِدِ الأَقْصَى عَمَائِمُهُمْ   ***  بِيضٌ كَأَنَّ المَدَى مِنْ لُؤْلُؤٍ مُهِدَا (20)
97-  يُهَوِّنُونَ عَلَيْهِ وَاْبْتِسَامَتُهُمْ ***   نَدَى تَكَثَّفَ قَبْلَ الصُّبْحِ فَاْنْعَقَدَا
98-  والرِّيحُ تَنْعَسُ فِي كَفَّيْهِ آمِنَةً  ***  وَالنَّجْمُ مِنْ شوقه للقوم مَا هَجَدَا
99-  يَكَادُ يَحْفَظُ آثَارَ البُرَاقِ هَوَاءُ  ***   القُدْسِ حَتِّى يَرَى الرَّاؤُونَ أَيْنَ عَدَا (21)
100-   يَا مَنْ وَصَلْتَ إلى بَابِ الإلهِ لِكَي  ***   تَقُولَ للخَلْقِ هَذَا البَابُ مَا وُصِدَا
101-  مِنْ قَابِ قَوْسِينِ أَوْ أَدْنَى تَصِيحُ بِهِمْ  ***   لَمْ يَمْتَنِعْ رَبُّكُمْ عَنْكُمْ وَلا بَعُدَا
102-  فَتْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِينَ تَرْتُقُهُ  ***  بِإذْنِ رَبِّكَ حَتَّى عَادَ مُنْسَرِدَا
103-  اللهُ أَقْرَبُ جِيرَانِ الفَقِيرِ لَهُ   ***  يُعْطِي إِذَا الجَارُ أَكْدَى جَارَهُ وَكَدَى (22)
104-  اللهُ جَارُ الوَرَى مِنْ شَرِّ أَنْفُسِهِمْ   ***  فَاْمْدُدْ إِلَيْهِ يَدَاً يَمْدُدْ إِلَيْكَ يَدَا
105-  لَوْلاكَ مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ وَلا غَرَبَتْ  *** وَلا قَضَى اللهُ للأُفْقَيْنِ أَنْ يَقِدَا
106-  وَلا رَأَيْتَ مُلُوكَ الأَرْضِ خَائِفَةً *** إِذَا رَأَتْ جَمَلاً مِنْ أَرْضِنَا وَخَدَا
107-  أَفْدِي كِسَاءَكَ لَفَّ الأَرْضَ قَاطِبَةً  ***   قَمِيصَ يُوسُفَ دَاوَى جَفْنَها الرَّمِدَا
****
108- رُعْتَ الجَبَابِرَ مِنْ جِنٍّ وَمِنْ أَنَسٍ   ***  مَنْ يَسْفِكُ الدَّمَ أَوْ مَنْ يَنْفِثُ العُقَدَا
109-  يَرَاكَ صَحْبُكَ فِي الرَّمْضَاءِ مُدَّرِعَاً  ***  فَيَحْسَبُونَكَ لا تَسْتَشْعِرُ الصَّهَدَا
110-  أَكْرِمْ بِأَقْمَارِ تِمٍّ فِي الحَدِيدِ عَلَى   ***  خَيْلٍ حَوَتْ فِي الأَدِيمِ البَرْقَ وَالرَّعَدَا
111-  وَرَدَّتِ الصَّخْرَ مَنْقُوشَاً حَوَافِرُها ***  فَاْنْظُرْ إِلَى كُتُبٍ فِي الأَرْضِ كُنَّ كُدَى (23)
112-  كَأَنَّمَا الصَّخْرُ غَيْمٌ تَحْتَ أَرْجُلِهَا   ***   أَو صَارَتِ الخَيْلُ غَيْمَاً قَاسِيَاً صَلِدَا (24)
113-  لَو قَارَبَ المَوْتُ مِنْهُمْ فِي الوَغَى طَرَفَاً   ***    لَحَادَ مُعْتَذِراً أَنْ لَمْ يَكُنْ عَمِدَا
114- حَتَّى تَرَى المَوْتَ فِي أَيْدِيهِمُو فَزِعَاً ***    تَوَقَّفَتْ رُوحُهُ في الحَلْقِ فَازْدَرَدَا
115-  حَرْبٌ تُشِيبُ الفَتَى مِنْ هَوْلِهَا فِإذَا  *** مَا شَابَ رَدَّتْ سَوَادَ الشَّعْرِ وَالمَرَدَا (25)
116-  يَحِنُّ للحَرْبِ كَالأَوْطَانِ فَارِسُهُمْ   ***  قد خَالَطَ الشَّوْقُ في إِقْدَامِهِ الحَرَدَا (26)
117-  يَلْقَى السِّهامَ وَلا يَلْقَى لَهَا أَثَراً    *** تَظُنُّ أَصْوَاتَها فِي دِرْعِهِ البَرَدَا
118-  كَأَنَّما رُوحُهُ دَيْنٌ يُؤَرِّقُهُ ***   في الحَرْبِ مِنْ قَبْلِ تَذْكِيرٍ بِهِ نَقَدَا
119-  تُنَازِعُ السَّهْمَ فِيهِمْ نَفْسُهُ وَجَلاً   ***    وَالرُّمْحُ يِعْسِلُ حَتَّى يَسْتُرَ الرِّعَدَا (27)
120-  وَالسَّيفُ يُشْهَرُ لَكِنْ وَجْهُ صَاحِبِهِ ***  مُنَبِّئٌ أَنَّهُ ما زالَ مُنْغَمِدَا
121-  لو أَمْسَكُوا بِقَمِيصِ الرِّيحِ ما بَرِحَتْ  *** أو أَظْهَرُوا بَرَمَاً بالتَّل ما وَطَدَا
122-  وَهُمْ أَرَقُّ مِنَ الأَنْسَامِ لَوْ عَبَرُوا  ***  مَشْيَاً عَلَى المَاءِ لَمْ تُبْصِر بِهِ جَعَدَا
123-  وَلَو يَمَسُّونَ مَحْمُومَاً أَبَلَّ بِهِمْ  ***  والحُزْنُ جَمْرٌ إذا مَرُّوا بِهِ بَرَدَا
124- قَدْ خُلِّدُوا في جِنَانِي والجِنَانِ مَعَاً   ***  أَكْرِمْ بِهِمْ يَعْمُرُونَ الخُلْدَ والخَلَدَا
125- كَمْ يَشْبَهُونَ فِدائِيينَ أعْرِفَهُم  ***   لَمْ يَبْتَغُواْ عَنْ سَبيِلِ اللَّهِ مُلْتَحَدَا
126- وصِبْيةٍ مُذْ أَجَابُوا الحَرْبَ مَا سَأَلَتْ   *** صَارُوا المَشَايخَ والأقطابَ والعُمَدا
127- بِمِثْلِهِمْ يَضَعُ التِّيجَانَ لابِسُهَا ***   وَيَخْجَلُ اللَيْثُ أن يَسْتَكْثِرَ اللِّبَدَا
128-  وَكُنْتَ تُنْصَرُ في الهَيْجَا بِكَفِّ حَصَىً ***   إذا رَمَيْتَ بِهِ جَمْعَ العِدَى هَمَدَا
129-  لكنَّ رَبِّي أرادَ الحَرْبَ مُجْهِدَةً   ***  وَالنَّفْسُ تَطْهُرُ إنْ عَوَّدْتَهَا الجُهُدَا
130-  لو كانَ رَبِّي يُرِيحُ الأَنْبِياءَ لَمَا  ***   كَانُوا لِمُتْعَبَةِ الدُّنْيا أُسَىً وَقُدَى (28)
131-  لو كانَ رَبِّي يُرِيحُ الأَنْبِياءَ دَعَا ***   لِنَفْسِهِ خَلْقَهُ وَاْسْتَقْرَبَ الأَمَدَا
****
132- قَالُوا مُحَمَّدُ قُلْنَا الاسْمُ مُشْتَهِرٌ  ***  فَرُبَّما كانَ غَيْرُ المُصْطَفَى قُصِدَا
133- فَحِينَ نَادَى المُنادِي «يا مُحَمَّدُ»  ***  لم يَزِدْ عَلَيْهَا تَجَلَّى الاسمُ وَاتَّقَدَا
134- حَرْفُ النِّدَاءِ اْسْمُكَ الأَصْلِيُّ يَا سَنَدَاً  ***  للمُسْتَغِيثِينَ لَمْ يَخْذِلْهُمُو أَبَدَا
135-  وَالظَّنُّ أَنَّا لِتَكْرَارِ اْسْتِغَاثَتِنَا  ***   بِهِ تَكَرَّرَ فِينَا الاسْمُ وَاْطَّرَدَا
136-  أَنْتَ المُنَادَى عَلَى الإطْلاقِ والسَّنَدُ  ***  المَقْصُودُ مَهْمَا دَعَوْنَا غَيْرَهُ سَنَدَا
137- مَدَدْتَ مِنْ فَوْقِ أَهْلِ اللهِ خَيْمَتَهُ  ***  فِي كُلِّ قُطْرٍ عَقَدْتَ الحَبْلَ  وَالوَتَدَا
138- يَا سَيِّدِي يَا رَسُولَ اللهِ يَا سَنَدِي  ***  أَقَمْتُ بِاسْمِكَ ليْ فيْ غُرْبَتِي بَلَدَا
139- رُوحِي إذا أَرِجَتْ رِيحُ الحِجَازِ رَجَتْ  ***  لَو أَنَّها دَرَجَتْ فِي الرِّيحِ طَيْرَ صَدَى (29)
140- يَجُوبُ أَوْدِيَةً بِالطَّيْرِ مُودِيَةً  ***  وَلا يَرَى دِيَةً مِمَّنْ عَدَا فَوَدَى (30)
141- لا يَلْقُطُ الحَبَّ إلا فِي مَنَازِلِكُمْ  ***   ولا يُقِيمُ سِوَى مِنْ شَوْقِهِ الأَوَدَا
142- يَكَادُ يَكْرَهُكُمْ مِنْ طُولِ غَيْبَتِكُم  ***   فِإنْ أَتَاكُمْ أَتَاكُمْ نَائِحَاً غَرِدَا
143- كَذَاكَ أُرْسِلُ رُوحي حِينَ أُرْسِلُها  ***   طَيْراً إليكم يَجُوبُ السَّهْلَ والسَّنَدَا (31)
144-  لَيْسَ الحَمَامُ بَرِيدَاً حِينَ يَبْلُغُكُمْ    ***   بل تِلكَ أَرْوَاحُنا تَهْوِي لَكُمْ بُرُدا (32)
145- مَنْ للغَرِيبِ إذا ضَاقَ الزَّمَانُ بِهِ    ***   وَطَارَدَتْهُ جُنُودُ الدَّهْرِ فَانْفَرَدَا
146-  والدَّهْرُ ذُو ضَرَبَاتٍ لَيْسَ يَسْأَمُها   ***   فَقَدْ عَجِبْتُ لِهَذَا الدِّينِ كَمْ صَمَدَا
****
147- مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ حَاكَ بُرْدَتَهُ ***   بِخَيْرِ مَا أَنْشَدَ المَوْلَى وَمَا نَشَدَا (33)
148- وَأَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ جَاءَ مُتَّبِعَاً  ***  حَتَّى شَفَى غُلَّةً مِنْهَا وَبَلَّ صَدَى (34)
149- رَأَى الفِرَنْجَةَ تَغْزُو المُسْلِمِينَ كِلا   ***    الشَّيْخَيْنِ فَاسْتَنْجَدَا المُخْتَارَ وَاْرْتَفَدَا
150- رَأَى الخِلافَةَ في بَغْدَادَ أَوَّلُهُم   ***   تُمْحَى وَحَقْلَ كِرَامٍ بِيعَ فَاحْتُصِدَا
151- رَأَى المَذَابِحَ مِنْ أَرْضِ العِرَاقِ إلى   ***  الشَّامِ الشَّرِيفِ تُصِيبُ الجُنْدَ والقَعَدَا (35)
152- رَأَى العَوَاصِمَ تَهْوِي كالرَّذَاذِ عَلَى  ***    رَمْلٍ إَذَا طَلَبَتْهُ العَيْنُ مَا وُجِدَا
153- مُسْتَعْصِمَاً بِرَسُولِ اللهِ أَنْشَدَها    ***   يَرُدُّ مُسْتَعْصِمَاً بِاللهِ مُفْتَقَدَا
154- وَأَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ رَاحَ يَشْهَدُ فِي   ***   أَمْرِ الخِلافَةِ جَوْرَاً فَتَّتَ العَضُدَا
155- مِنْ بَعْدِ شَامٍ وَبَغْدَادٍ وَقَاهِرَةٍ   ***   إِسْتَنْفَدَتَ في بَنِي عُثْمَانِهَا المُدَدَا
156- وَاْنْقَضَّتِ الرُّومُ والإفْرِنْجُ تَنْهَبُهَا  ***   فَفِي الفُرَاتِ لَهُمْ خَيْلٌ وَفِي بَرَدَى
157- وَقَسَّمُونا كَمَا شَاؤُوا فَلَو دَخَلُوا  ***   مَا بَيْنَ شِقَّي نَواةِ التَّمْرِ مَا اْتَّحَدَا

158- هِيَ الطُّلولُ وِإنْ أَسْمَيْتَهَا دُوَلاً   ***   هِيَ القُبُورُ وَإنْ أَثَّثْتَهَا مُهُدَا
159- هِيَ الخَرَابُ وَإِنْ رَفَّتْ بَيَارِقُها  ***  وَنَمَّقُوا دُونَهَا الأَعْتَابَ وَالسُّدَدَا
160- إِنَّ الزَّمَانَيْنِ رَغْمَ البُعْدِ بَيْنَهُمَا    ***   تَطَابَقَا فِي الرَّزَايَا لُحْمَةً وَسَدَى (36)
161- والجُرْحُ في زَمَنِي مَا كانَ مُنْدَمِلاً  ***   حَتَّى أَقُولَ اْسْتُجِدَّ الجُرْحُ أو فُصِدَا
162- مَالَ النَّخِيلُ عَلَى الزَّيْتُونِ مُسْتَمِعَاً   ***    لِيُكْمِلَ السَّرْدَ مِنْهُ كُلَّمَا سَرَدَا
163- يا سَيِّدِي يَا رَسُولَ الله يَا سَنَدِي   ***  هذا العِرَاقُ وهذا الشَّامُ قَدْ فُقِدَا
164- لَوْ كانَ ليْ كَتَدٌ حَمَّلْتُهُ ثِقَلِي  ***    لكن بِذَيْنِ فَقَدْتُ الظَّهْرَ والكَتَدَا (37)
165- يَا جَارَيِ الغَارِ أَعْلَى اللهُ قَدْرَكُما  ***  عَيِيِتُ بَعْدَكُما أَن أُحْصِيَ الرِّدَدَا
166- لَنَا مُلُوكٌ بِلا دِينٍ إذا عَبَرُوا   ***   فِي جَنَّةٍ أَصْبَحَتْ مِنْ شؤمهم جَرَدَا  (38)
167- أَنْيَابُهُمْ فِي ذَوِي الأَرْحَامِ نَاشِبَةٌ    ***  وَلِلأَعَادِي اْبْتِسَامٌ يُظْهِرُ الدَّرَدَا (39)
168- لا يَغْضَبُونَ وَلا يُحْمَى لَهُمْ حَرَمٌ ***   وَإِنْ تَكُنْ دُونَهُمْ أَسْيَافُهُمْ نَضَدَا (40)
169- وَيَسْتَلِذُّونَ تَعْذِيبَ الغُزَاةِ لَهُمْ    ***    إِنَّ المُحِبَّ يَرَى فِي ذُلِّه رَغَدَا
170- حُمَّى الزَّمانِ إذا ماتوا أَوِ اْرْتَحَلُوا   ***    تَنَفَّسَ الصُّبْحُ فِي عَلْيَائِهِ الصُّعَدَا
171-  وَلا يَمُوتُونَ مِثْلَ النَّاسِ يَتْرُكُهُمْ   ***    رَيْبُ الزَّمَانِ وَيُفْنِي قَبْلَهُمْ لُبَدَا (41)
172-  مَا للغَزَالِ تُخِيفُ الذِّئْبَ نَظْرَتُهُ   ***  وَللحَمَامِ يُخِيفُ الصَّقْرَ والصُّرَدَا (42)
****
173-  يَا جَابِرَ الكَسْرِ مِنَّا عِنْدَ عَثْرَتِنَا  ***   وَإِنْ رَأَيْتَ القَنَا مِنْ حَوْلِنَا قِصَدَا (43)
174- يَا مِثْلَنَا كُنْتَ مَطْرُودَاً وَمُغْتَرِبَاً   ***   يَا مِثْلَنَا كُنْتَ مَظْلُومَاً وَمُضْطَهَدَا
175- يَا مُرْجِعَ الصُّبْحِ كالمُهْرِ الحَرُونِ إلى  ***  مَكَانِهِ مِنْ زَمَانٍ لَيْلُهُ رَكَدَا (44)
176- وَيَا يَدَاً حَوْلَنَا دَارَتْ تُعَوِّذُنَا      ***  مِنْ بَطْنِ يَثْرِبَ حَتَّى الأَبْعَدِينَ مَدَى
177- أَدْرِكْ بَنِيكَ فَإِنَّا لا مُجِيرَ لَنَا   ***  إلا بِجَاهِكَ نَدْعُو القَادِرَ الصَّمَدَا
178- الليلُ مُعْتَلِجُ الأَمْوَاجِ مَنْ زَمَنٍ ***     لكنَّ مِجْمَرَ هَذَا الدِّينِ مَا خَمَدَا
179- وَلَمْ تَزَلْ أُمَّةٌ تَحْتَ السَّمَاءِ إَذَا    ***  دَعَتْ حَسِبْتَ الأَيَادِيْ تَحْتَهَا عَمَدَا
180-  تَعْشَوْشِبُ الأَرْضُ مِنْ عَيْنَيْكَ مُلْتَفِتَاً     ***   وَتَسْتَدِرُّ يَدَاكَ المَنْهَلَ الثَّمِدَا (45)
181-  وَتَجْعَلُ الطَّيْرَ جُنْدَاً ظَافِرِينَ عَلَى   ***  جَيْشٍ شَكَتْ أَرْضُهُ الأَثْقَالَ والعَتَدَا
182-  أَنْشَأْتَ أُمَّتَنَا مِنْ مُفْرَدٍ وَحِدٍ   ***   حَتَّى تَحَضَّرَ مِنْهَا عَالَمٌ وَبَدَا (46)
183-  وإنَّ مَوْؤُدَةً أَنْقَذْتَهَا وَلَدَتْ ***    وُلْدَانَ يَعْيَى بَها المُحْصِي وَإِنْ جَهِدَا
184-  صارُوا كَثِيرَاً كَمَا تَهْوَى فَبَاهِ بِهِمْ    ***      وَاْسْتَصْلِحِ الجَمْعَ وَاْطْرَحْ مِنْهُ مَا فَسَدَا
185-  أَقُولُ بَاهِ لأَنَّ الدَّهْرَ عَذَّبَهُمْ   ***   حَتَّى تَمَنَّى الفَتَى لَوْ أَنَّهُ وُئِدَا
186-  وَلَمْ يَزَلْ مُمْسِكَاً بِالدِّينِ جَمْرَتَهُ     ***  حَتَّى يَمُوتَ عَلَى مَا اْخْتَارَ وَاْعْتَقَدَا
187-  وَلَوْ يُقَالُ لَهُ سِرْ فَوْقَ جَمْرِ غَضَىً   ***    مَشَى عَلَيْهِ بَسِيمَ الوَجْهِ مُتَّئِدَا
188-  كَمْ مِنْ بِلالٍ عَلَى أَضْلاعِهِ حَجَرٌ    ***    قَدْ رَاحَ مِنْهُ عَلَى أَشْغَالِهِ وَغَدَا
189-  فَاْشْفَعْ لنَا يَوْمَ لا عُذْرٌ لمُعْتَذِرٍ   ***    وَلَيْسَ يُسْمَعُ مِنْ طُولِ النَّدَاءِ نِدَا
190-  وَاْغْفِرْ لِمَنْ أَنْشَدُوا هَذِي القَصِيدَةَ فِي   ***   مَا مَرَّ مِنْ أَزَمَاتِ الدَّهْرِ أَوْ وَرَدَا
191-  وللوَلِيَّيْنِ مِنْ قَبْلِي فَشِعْرُهُمَا    ***   أَبَانَ للشُّعَرَاءِ اللاحِبَ الجَدَدَا (47)
192-  تَتَبُّعَاً وَاْخْتِلافَاً صُغْتُ قَافِيَتِي    ***  «مَولايَ صَلِّ وَسَلِّمْ دَائِمَاً أَبَدَا»
193-  وَلَيْسَ مَعْذِرَةٌ فِي الاتِّبَاعِ سِوَى   ***    أَنِّي وَجَدْتُ مِنَ التَّحْنَانِ مَا وَجَدَا
194-  وَلَيْسَ مَعْذِرَةٌ فِي الاْخْتِلافِ سِوَى  ***    أَنِّي أَرَدْتُ حَدِيثَاً يُثْبِتُ السَّنَدَا
195-  وَخَشْيَةً أَنْ يَذُوبَ النَّهْرُ فِي نَهَرٍ    ***   وَأَنْ يَجُورَ زَمَانٌ قَلَّمَا قَصَدَا
196-  وَرَاجِيَاً مِنْ إِلَهِي أَنْ يُتِيحَ لَنَا ***  يَوْمَاً عَلَى ظَفَرٍ أَنْ نُنْشِدَ البُرَدا
197-  وَصَلِّ يَا رَبِّ مَا غَنَّتْ مُطَوَّقَةٌ   ***  تُعَلِّمُ الغُصْنَ مِنْ إِطْرَابِهَا المَيَدَا
198-  عَلَى مُحَمَّدٍ الهَادِي مُحَمَّدِنَا   ***  نَبِيِّنَا شَيْخِنَا مَهْمَا الزَّمَانُ عَدَا (48)
199-  وَهَذِهِ بُرْدَةٌ أُخْرَى قَدِ اْخْتُتِمَتْ   ***    أَبْيَاتُها مِائتَانِ اْسْتُكْمِلَتْ عَدَدَا
 200-   يَارَبِّ وَاْجْعَلْ مِنَ الخَتْمِ البِدَايَةَ  *** وَاْنْــصُرْنَا وَهَيِّءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدَا


الهوامش         
(1)  «لهوا بها وددا»: لهوا بها ولعبا، ودد، على وزن غد، هو اللعب واللهو والمزاح، وفى الحديث: «لست من ددٍ ولا ددٌ منى»
(2) الصب: العاشق، واللدد: الخصومة وكثرة الجدل والإلحاح بالعداوة، ومنه قولك عدو لدود.
(3) وَجِد المرء يجِد وجْدا: أى حزن، قال عمرو بن كلثوم: «فما وجدت كوجدى أم سقبٍ، أضلَّته فرجعتَ الحنينا«
(4) السدد والسداد والتسديد: الصواب.
(5) الأيفاع جمع اليفع وهو المرتفع من الأرض وعكسه الوهد وهو السهل المنبسط من الأرض.
(6) خضد الغصن يخضده خضدا: أى كسره كسرا لا يظهر معه انقطاع فى الغصن رطبا كان أو يابسا.
(7) الصَّفَد: القيد وجمعه أصفاد.
(8) مُدى: جمع مُدية، وهى السكين.
(9) القَوَد: الثأر، أى أن النبى (صلى الله عليه وسلم) كان يعلم أن قريشا لن تسامحه وأنها ستطلب ثأر بدر وغيرها من أحفاده.
(10) الزَّرَد: قميص يصنع من حلقات صغيرة من الحديد يلبس تحت الدرع.
(11) خلجة: رجفة.
(12) نَهَد ينهد: كنهض ينهض: قام.
(13) الجَيَد: صفة الأجيد والجيداء: طول العنق وجماله.
(14) انجرد: انطلق.
(15) المنصب الحتد: المنصب الشريف، ومنه قولك فلان كريم المحتد.
(16) الصَّدَد: القريب، ونسبة صدد: نسب قريب لازم، كالعم أو الخال.
(17) الملَد: النعومة، ومنه الأملد والأملود: الناعم.
(18) القِرَى بكسر القاف وفتح الراء ثم ألف لينة، هو ما يقدم للضيف من طعام.
(19) التبد الرمل، تلبَّد: لصق بعضه فى بعض، كما يحدث للرمل إذا أصابه ماء ثم جف.
(20) مُهِد: فُرِش، كأن المدى أصبح مفروشا باللؤلؤ.
(21) عدا: الفعل من العدو، أى الركض، تقول عدا عدْوا أى ركض ركضا.
(22) أكدى: ألح بالسؤال والطلب، ويقال أكدى فلان فلانا إذا ألح عليه حتى بلغ منه الغاية، والأصل فيه من الكدية وهى الصخرة، فيقال حَفَرَ حتى أكدى، أى حفر فى الرمل وألح فى الحفر حتى بلغ إلى الصخر فلم يستطع الحفر بعد. وكدى: بخل وامتنع عن العطاء، والضمير فى أكدى عائد على الجار الأول، وفى كدى عائد على الجار الثانى: أى أن الله يعطى، إذا الجار ألح على جاره بالسؤال فبخل عليه ذلك الجار المسئول ولم يعطه شيئا.
(23) كدى: جمع كدية وهى الصخرة، أى أن الخيل قاسية الحوافر حتى إن حوافرها تنقش الصخر، فتبدو الصخور كأنها كتب من كثرة آثار  الخيل عليها.
(24) الصخر الصلْد: الصخر الأملس الصلب، والذى لا ينبت، والصلَد بالتحريك هو الفرس الذى لا يعرق.
(25) المرَد: صفة الأمرد وهو الشاب الذى لم ينبت شعر لحيته بعد.
(26) الحرد: الغضب.
(27) يَعسِل الرمح عَسَلانا: اهتز اهتزازا لطوله ومرونته، الرعد: جمع الرعدة: وهى الرجفة من الخوف، والمعنى أن رمح العدو يرجف من الخوف وإن كان يسمى ذلك بالعسلان والمرونة ليستر خوفه.
(28) متعبة الدنيا: المتعبون فى الدنيا، وقد يجوز استخدام صيغة المفرد المؤنث لتعنى الجمع، كقولك المقاتلة من الجند، تعنى المقاتلين منهم، أُسَى: بضمة ثم فتحة، جمع أسوة، وكذلك قدى على وزنها جمع قدوة.
(29) طير الصدى: طير كانت العرب تعتقد أنه يطير من رأس القتيل، ولا يلقط الحب ولا يشرب كما تفعل الطير، بل يصيح اسقونى اسقونى حتى يأخذ أهل القتيل بثأره، والصدى عند العرب هو صدى الصوت المعروف وهو أيضا العطش، فطير الصدى هو طير العطش، ويسمى أيضا الهامة، والهامة الرأس، ولكن الهائم عند العرب أيضا هو العطشان، وقد قال توبة العامرى: «ولو ان ليلى الأَخْيَلِيَّة سلَّمت.. على ودونى تُرْبةٌ وصفائحُ، لسلمت تسليم البشاشة أو زقا... إليها صدى من جانب القبر صائح» يقول إن محبوبته ليلى الأخيلية لو سلمت عليه بعد موته، وبينه وبينها تراب القبر وصفائحه، لرد عليها السلام أو لرد عليها طائر الصدى يصيح مطالبا بثأره إن كان مات مقتولا.
(30) ودى: دفع دية القتيل، «ولا يرى دِيَةً ممن عَدَا فَوَدَى»: أى أن طير الصدى هذا لا يرى أن يقبل الدية فى القتيل ممن عدا عليه فقتله ثم أراد أن يدفع ديته.
(31) السَّند: الجَبَل.
(32) بُرُد جمع بريد، وكانت العرب تطلق اسم البريد على الخيل التى تحمل الرسائل من بلد إلى بلد، فجاز أن يطلق اسم البريد على الحمام الزاجل أيضا لحمله الرسائل، أى أن الحمام الذى فى الحجاز، ليس إلا أرواح المحبين طافت به كطير الصدى المذكور فى الأيات أعلاه.
(33) محمد بن سعيد: هو الشيخ محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجى البوصيرى، صاحب قصيدة «الكواكب الدرية فى مدح خير البرية» والمعروفة بالبردة، وهى القصيدة التى مطلعها: «أمن تذكر جيران بذى سلم... مزجت دمعا جرى من مقلة بدم»، وقد عاش فى مصر أكثر عمره فى زمن الحروب الصليبية، بين عامى 1213 و1295 ميلادية، ما يوافق 608 إلى 696 هجرية، أى أنه كان فى الخامسة والأربعين من عمره حين سقطت بغداد فى أيدى المغول، وقد شهد القرن الثانى من قرنى الحروب الصليبية فى الشام ومصر وعاصر أواخر ملك الأيوبيين وبداية حكم المماليك. والمولى: التابع والسيد، وهو من الأضداد. أنشد: قال الشعر، ونشد: طلب أمرا ما وبحث عنه.
(34) أحمد بن على: هو أحمد شوقى بن على بن أحمد شوقى صاحب قصيدة «نهج البردة» التى عارض فيها قصيدة محمد بن سعيد البوصيرى ومطلعها «ريم على القاع بين البان والعلم.. أحل سفك دمى فى الأشهر الحرم» وقد عاش بين عامى 1868 و1932 ميلادية، ما يوافق 1284 إلى 1350 هجرية وشهد احتلال البريطانيين لمصر وتونس والإيطاليين لليبيا ثم شهد انهيار الخلافة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى ثم الثورة المصرية ضد الاحتلال البريطانى. الغلة: العطش، وكذلك الصدى، وبل الصدى، مثل شفى الغلة، بمعنى روى العطش وداواه.
(35) القَعَد: بفتح القاف والعين، القاعدون من الناس عن القتال، كالنساء والأطفال والشيوخ وأصحاب المعايش.
(36) اللحمة والسدى: خيوط النسيج، الطولية منها هى السدى بفتح السين والعرضية منها هى اللحمة بضم اللام، ومعنى «تطابقا لحمة وسدى» أنهما تطابقا تماما.
(37) الكَتَد: أعلى الكتف أو الكاهل.
(38) الجَرَد: بفتح الجيم والراء: الأرض الجرداء التى لا زرع فيها.
(39) الدَّرَد: خلو الفم من الأسنان، إما لكبر السن أو لصغره أو لحادث كسرها.
(40) النَّضَد: كل شىء تكدس أو تجمع فأصبح كومة فهو نَضَد، وكذلك كل ما انضم بعضه إلى بعض فى صف أو نظام فهو نَضَد، والخشبة المرتفعة التى يوضع عليها المتاع تسمى نضدا، ومنها المنضدة لأن الأغراض إذا وضعت عليها انتظمت أو تكدست فهى نَضَد، ومنها اللؤلؤ المنضود لأنه منتظم واحدة إلى جانب الأخرى. أى هم لا يحمون حوزتهم ولو كانت سيوفهم مكدسة أمامهم.
(41) لُبَد: بضم اللام وفتح الباء، اسم آخر نسور لقمان الحكيم، فقد حكى أن لقمان بن عاد الحكيم كان يدعو الله أن يطيل عمره، فسمع هاتفا يقول له: «قد أجيبت دعوتك وأعطيت سؤالك ولا سبيل إلى الخلود، واختر إن شئت: بقاء سبع بقرات عفْر، فى جبل وعر، لا يمسسهن ذعر. وإن شئت بقاء سبع نوايات من تمر، مستودعات فى صخر، لا يمسسهن ندى ولا قطر. وإن شئت بقاء سبعة نسور كلما هلك نسر عقب بعده نسر» فاختار لقمان أن يعيش أعمار سبعة نسور، وقيل إن لبد اسم ذلك النسر الأخير فهو أطولهم عمرا، وصار يضرب باسمه المثل على طول العمر، كما فى قول النابغة يصف الأطلال: «أضحت خلاء وأضحى أهلها احتملوا، أخنى عليها الذى أخنى على لبد» أى قضى الزمان على هذه الأطلال كما قضى على لبد، وسمى لبدا، لأنه لبد أى بقى، واللبود، البقاء.
(42) الصُّرَد: بضم الصاد وفتح الراء، نوع من الطيور الجوارح يشبه الصقر.
(43) قِصَد: بكسر القاف وفتح الصاد، صيغة جمع، والمفرد قِصْدة، معناها كِسرة، وقصد الشىء أى كسره، والقصْد الكسر، والقِصَد: الأجزاء المكسورة، والقنا: الرماح، والمعنى: يا من تجبر كسورنا وإن تكسرت الرماح فينا من الطعن.
(44) يقال ركد الليل إذا أطبق ولم تتحرك فيه الريح.
(45) المنهل: مصدر الماء كالنبع أو البئر، وأصله من نهل ينهل، أى شرب، والثَّمِد، بفتح الثاء وكسر الميم: القليل الماء، والمعنى أنك إذا لمست النبع القليل الماء بيديك فإن ماءه يدر ويغزر.
(46) تحضر: سكن الحواضر، أى بنى المدن وسكن فيها، وبدا: سكن البوادى والصحارى.
(47) اللاحب: الطريق الواضحة، وأصله من لحب الشىء يلحبه أى وطئه ومهَّده، الجدد: ما صلب من الأرض، وهو عادة الطريق الكبير، ومنه الجادَّة، وفى المثل: من سلك الجدد أمن العثار. فاللاحب الجدد: الطريق الواضحة الصلبة.
(48) عدا: الفعل من العدوان تقول اعتدى اعتداء وعدا عدوانا.


أيهـــــا الناس «صلــــــــوا علــــــــى النبــــــى»؛كتبتُ هذه القصيدة معارَضةً لكل من قصيدة الإمام شرف الدين محمد بن سعيد البوصيرى، المعروفة بالكواكب الدُرِّيَّة فى مدح خير البَرِيَّة، أو البردة، ومطلعها: «أَمِنْ تَذَكُّرِ جِيرانٍ بِذِى سَلَمِ، مَزَجْتَ دَمْعَاً جَرَى مِنْ مُقْلَةٍ بِدَمِ»، وقصيدة أحمد شوقى بن على بن أحمد شوقى بك، التى عارض بها قصيدة البوصيرى وأسماها نَهْجَ البُرْدَة ومطلعها: «رِيمٌ عَلَى القَاعِ بَيْنَ البَانِ وَالعَلَمِ، أَحَلَّ سَفْكَ دَمِى فِى الأَشْهُرِ الحُرُمِ».  والمعارضة تحية من اللاحق للسابق، وهى، حتى بعد الاعتراف بالفضل للمتقدم تبقى عملاً فيه قدر من المخاطرة، لأن فيها شبهة مما سماه أحمد شوقى نفسه «تجاوزاً للقدر»، ولأنها نص يعتمد فى جزء من معناه على الأقل، على نص سابق له، فلا يكتمل معناه إلا بمعرفة القارئ للنص الأول، ثم هى مخاطرة لأن كتابتها، فى زمننا هذا، ربما تشكل تحدياً لمنهجين سائدين فى الثقافة العربية، تكون عند أولهما تمرُّداً على الحداثة، وعند الثانى تجرؤاً على التراث. لذلك ربما احتجت فى كتابتها إلى توضيح السياق.
ولد الإمام شرف دين محمد بن سعيد البوصيرى فى مارس ١٢١٣ وتوفى فى ١٢٩٥، وأصله من صنهاجة، من أمازيغ المغرب، إلا أن أسرته انتقلت إلى مصر، فعاش بها عمره كله. بعد شهر من ولادته كان البابا أنوسنت الثالث فى روما يدعو للحملة الصليبية الخامسة، كانت الأولى احتلت القدس، والثانية فشلت فى احتلال دمشق، والثالثة فشلت فى استعادة القدس، والرابعة ضلت طريقها فاجتاحت اليونان بدلاً من الشام.  فى هذه الحملة الخامسة، التى بدأت والبوصيرى وليد، سيهاجم ملك المجر وأمراء ألمانيا طبرية من عكا، ثم يهاجم الصليبيون بقيادة مبعوث البابا دمياط فى ١٢١٨ ويحتلونها، وتبقى الحرب دائرة بين الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبى بكر بن أيوب،أى ابن أخى صلاح الدين الأيوبى، وبينهم حتى تنتهى فى ١٢٢١ وعمر البوصيرى ٨ سنوات يكون تعلم خلالها الكتابة والقراءة وحفظ القرآن.  وكان عمره ١٥ سنة، حين قرر الملك الكامل أن يتحول من بطل حرب إلى بطل سلام، ويستثمر انتصاره ليخون، فيهدى القدس بلا ثمن لصديقه فردريك فون هوهنستاوفن، أعلى ملوك أوروبا شأناً، الملقب بالإمبراطور الرومانى المقدس، وإن كان عملياً ملك ألمانيا وشرق فرنسا وشمال إيطاليا، لتشكل قواته فى فلسطين حاجزاً بين الكامل فى القاهرة وأخيه الملك المعظم عيسى صاحب دمشق وسائر الشام. ورغم أن فردريك وصل بعد موت المعظم وزوال الخطر عن الكامل إلا أن هذا الأخير قرر أن يعطيه ديار المسلمين هدية وفاءً بما وعد، وبقيت القدس التى حررها صلاح الدين فى يد الفرنجة خمسة عشر عاماً أخرى. وحين يستعيدها المسلمون الخوارزميون القادمون من شرق إيران فى عام ١٢٤٤ سيكون البوصيرى قد بلغ الحادية والثلاثين، قريباً من عمرى أنا اليوم.
بعد خمس سنوات لا أكثر، ،فى ٦ يونيو عام ١٢٤٩ سيشهد البوصيرى حصار الفرنج مرة أخرى لدمياط واجتياحهم للمدينة فى نوفمبر ثم زحفهم، بقيادة ملك فرنسا، والقديس فيما بعد، لويس التاسع، باتجاه القاهرة، وسيشهد البوصيرى انتصار المماليك عليه  فى المنصورة، وحبسه فى دار ابن لقمان.
وبعد تسع سنوات، عام ١٢٥٨ سيشهد البوصيرى سقوط بغداد فى يد المغول، وستأتيه أخبار مذبحة لم يعرف أهلها لها مثيلاً قبلها، فقد كان المعتاد أن الغزاة يتركون المدن التى يجتاحونها عرضة للنهب ثلاثة أيام، أما المغول فقد أباحوا دماء البغداديين أربعين يوماً، حتى اضطر الأحياء من أهل البلد إلى الاختباء فى المقابر وقنوات الصرف وسراديب البيوت، وترواحت تقديرات المؤرخين لأعداد القتلى سواء بسيوف المغول أو بإحراق دورهم عليهم أو بالجوع ما بين عشرات الآلاف إلى مئات الآلاف. ولم يكن العرب من أهل العراق شهدوا مذبحة بهذا الحجم من قبل، وإن كان مقدراً لهم أن يروا أبشع منها حين تسقط بغداد فى يد الأمريكيين بعد زمن البوصيرى بسبعمائة وخمس وأربعين سنة. وتوالت المذابح، من العراق إلى الشام، وسقطت حلب ودمشق، غزاها تحالف من المغول والأرمن وصليبيى أنطاكية، ثم توجه الغزاة نحو مصر.
 لكن الله منَّ على البوصيرى، فعاش حتى انكسر المغول فى عين جالوت، ثم انكسر الصليبيون فى أنطاكية على يد الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقدارى، ثم طُرِدُوا من بلادنا تماماً حين دخل الملك الأشرف خليل بن قلاوون عكا عام ١٢٩١والبوصيرى شيخ فى الثامنة والسبعين من عمره.
...
أما  أحمد شوقى بن على بن أحمد شوقى بك فولد عام ١٨٦٨  بباب إسماعيل كما قال، وهو الخديو إسماعيل بن إبراهيم بن محمد على، والى مصر من قبل أمير المؤمنين السلطان عبد العزيز بن محمود بن عبد الحميد الأول العثمانى. افتتحت قناة السويس للملاحة وأحمد شوقى ابن عام واحد أو أقل، وتملك الفرنج، وقد صاروا يدعون الفرنسيين، قطعة من البلاد، ولحق بهم البريطانيون، إذ اشتروا نصيب مصر من القناة. وحين كان شوقى فى الثالثة عشرة احتل الفرنسيون تونس، وفى العام التالى كانت بوارج البريطانيين تقصف الإسكندرية ثم تحتل القاهرة. فى عام ١٩٠٦ كان أحمد شوقى رجلاً بالغاً فى الثامنة والثلاثين من عمره حين وقعت مذبحة دنشواى، وكان كهلاً فى الثالثة والأربعين حين احتل الإيطاليون طرابلس الغرب عام ١٩١١. كانت الدولة العلية العثمانية على وشك الانهيار حين قامت الحرب العالمية الأولى ونفته قوات الاحتلال إلى أسبانيا، ليشهد من بعيد هزيمة الخلافة الإسلامية فى اسطنبول، واحتلال البريطانيين للقدس وبغداد، والفرنسيين لدمشق وحلب. وكان كهلاً خمسينياً حين سمع تلك الشائعة التى لا يزال صداها يتردد إلى اليوم، أن قائد قوات الاحتلال الفرنسية، الجنرال هنرى غورو، حين دخل دمشق وقف على قبر الملك الناصر صلاح الدين والدنيا أبى المظفر يوسف بن أيوب، وقال: «ها نحن عدنا يا صلاح الدين»، موافقاً بذلك ما شاع قبلها بثلاث سنوات عن حليفه قائد قوات الاحتلال البريطانية، الفيلد مارشال إدموند ألنبى، أنه حين دخل القدس غازياً عام ١٩١٧ قال: «الآن انتهت الحروب الصليبية».
قامت ثورة ١٩١٩ وأحمد شوقى فى المنفى، ولم يكن يقدر أن يعود ليشارك فيها، إلا أنه حين عاد إلى مصر بعد عام من الثورة، وجد نفسه، وهو الكردى الأصل، ابنها وشاعرها.
نحن لا نعلم على وجه اليقين فى أى سنة بالضبط كتب محمد بن سعيد البوصيرى بردته، ولكن نعلم أن أحمد شوقى بن على بن أحمد شوقى كتب نهج البردة فى تسعينيات القرن التاسع عشر، بعد احتلال مصر، وقبل انهيار الخلافة.
...
لا يجوز لى الكلام عن نفسى فى هذا المقام، ولكن يجوز لى الكلام عن زمنى، فقد ولدت فى عام ١٩٧٧،  فى العام الذى قرر فيه بطل الحرب المصرى أن يكون بطل السلام ويعترف للغزاة الإسرائيليين بحقهم فى بلادى، وحين كان يخطب أنور السادات فى الكنيسيت الإسرائيلى فى القدس ويرحب عملياً بسفير إسرائيلى فى القاهرة، كان رجال أمنه يطلبون من أبى الفلسطينى مغادرتها إلى منفى سيمتد سبعة عشر عاماً،  وحين كان عمرى عاماً واحداً اجتاحت إسرائيل لبنان، واجتاحته مرة أخرى وارتكبت مذبحة صبرا وشاتيلا فى حق الفلسطينيين عام ١٩٨٢ حين كنت فى الخامسة. وفى عام ١٩٩١ حين كنت فى الرابعة عشرة حارب الأمريكيون العراق للمرة الأولى وقتلوا مائة وخمسة وثمانين ألف نفس من العراقيين، وفرضوا عليهم حصاراً استمر اثنى عشر عاماً، ربما كان أطول حصار شامل فى التاريخ، مات بسببه أكثر من مليون نفس، أكثر من نصفهم من الأطفال حسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة. فلما انقضت أعوام الحصار الاثنا عشر، اجتاحت الولايات المتحدة العراق عام ٢٠٠٣ ما كلف العراقيين حرباً أهلية وموت مليون نفس آخرين، وبينما كان الرئيس المصرى محمد حسنى مبارك يرحب بحاملات الطائرات الأمريكية المارة من قناة السويس، كان رجال أمنه يخبروننى أننى غير مرحب بى فى القاهرة.  كانت إسرائيل قد أعادت اجتياح الضفة الغربية لنهر الأردن قبلها بعام، ورام الله، بلد أبى، اجتيحت وحوصر فيها بعض أهلى، لكن لم يكن شىء يشبه ما جرى فى العراق. علَّم العراق الأمة كلها أن الحزن ترف، وأن الرضا بالطغاة ترف، وأن الحروب الأهلية ترف، وأن الفتنة الطائفية ترف، عدونا أقوى أمبراطورية فى العالم، فإما أن تكون لمقاومتها أولوية على كل شىء، وإما الموت العَمَمْ. كان العراق تجربة وجودية شخصية، أولَ اصطدام لى بالمذبحة العامة والإبادة التى لا تبقى ولا تذر. لكن الله لا يستقيل من رحمته، فى عام ٢٠٠٦ انتصرت حفنة من المقاتلين فى جبال لبنان الجنوبية على إسرائيل، وفى العام نفسه كان بادياً أن الأمريكيين لن يستطيعوا البقاء فى العراق طويلاً، وكان واضحاً أن عقاباً ما سيصيب حكامنا المتواطئين. دخل حسنى مبارك فى حلف عسكرى مع إسرائيل ضد شعب نصفُه من الأطفال فى غزة عام ٢٠٠٨، وحاصرهم ليقتلهم الغزاة، وبعد ثلاث سنوات، وكنت لا أزال فى منفاى، كان شعبه يحاصر قصره، وبعد سقوطه بسنة وتسعة أشهر انتصر شعب الأطفال فى غزة على غزاتهم.
...
غير أنِّى لم أكتشف هذا التشابه بين الأزمنة الثلاثة إلا أثناء كتابتى للقصيدة أو بعد كتابتى لنسختها الأولى، ربما كان ما يجرى على الأمة داعياً لكتابة القصيدة، غير أنى لم أكن على وعى بذلك حينها،  لقد كان الداعى المباشر لكتابتها ما يجرى على أنا حينها. ففى نوفمبر عام ٢٠١٠ كنت أعمل خارج مصر وكنت بصدد ترتيب زيارة والدتى لتجرى بعض الفحوصات الطبية ثم تتلقى العلاج، وكانت لا تزال بمصر. ثم أتانى على بعد خمسة آلاف ميل، أنها تعرضت مع زملائها من أساتذة الجامعة لهجوم من بلطجية حسنى مبارك اعترضوهم أثناء وقفة احتجاجية فى حرم جامعة عين شمس. وفى الغربة سناجب كثيرة، وأشجار بندق، وشوارع واسعة، لكن أهم ما فيها هو قلة الأنصار والعزوة والحيلة وكانت تلك سابع سنة لى خارج مصر بعد منعى من العمل فيها، تنقلت خلالها من الخرطوم إلى برلين إلى واشنطن. وكانت أسرتنا كلها تعرضت خلال الصيف السابق على هذه الحادثة مباشرة لعدة تجارب متتالية من تلك التى تؤدى بك إلى التحديق فى ملامح الموت والحياة، تجارب من تلك التى تعلمك أن تقدَّر قيمة النَّفَس الواحد (بتحريك الفاء)، إنك تتنفس، وهذا إنجاز، وهو مهدد، وهو على كل حال مؤقت، فاسعد به ما استطعت، ولا تجعل باغياً أو غازياً أو هماً أو حزناً أو علة تحتل تَنَفُّسَك، دافع عن هوائك، فقد لا يتبقى لك غيره. وذات مرة، وبينما  أنا غارق بالتفكير فى شأنى وأهلى وناسى أحيائهم وموتاهم، أفقت على نفسى جالساً فى مقهى وامرأة شقراء، أو صابغة شعرها، من أهل المهجر تقول لى بأريحية مفرطة: «أنت توافقنى بالطبع على أن العرب والمسلمين أوباش كريهون»؟  قمت من المقهى، وعدت إلى منزلى أرنِّم: «مَوْلايَ صَلِّ وَسَلِّمْ دَائِمَاً أَبَدَاً...عَلَى حَبِيبِكَ خَيْرِ الخَلْقِ كُلِّهِمِ». ونويت أن أكتب بردةً، قصيدةً فى مديح سيد الغرباء والمهاجرين محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم صلى الله عليه وسلم.
وقد قيل أن الإمام شرف الدين  البوصيرى أصيب بفالج فرأى النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام يلُفُّ عليه بُردته، أى عباءته، فقام من المنام بارئاً، وكتب قصيدته وسماها «الكواكب الدرِّيَّة فى مَدْحِ خَيْرِ البَرِيَّة»، فسماها الناس البُردة. وأنا لست أهلاً للمعجزات، ولكن يمكن للمرء أن يرى التاريخ كله معجزة إذا أراد، كما كان صلاح جاهين يرى الإعجاز حتى فى شروق الشمس وغروبها.  أذكر أننى أكملت أول نسخة من القصيدة وحفظتها، وأننى كنت أكتب بخط اليد نسخة منها وأنا فى غرفة انتظار مستشفى جورجتاون بواشنطن أنتظر خروج الوالدة من جراحتها الأولى (تلتها بعد ذلك ثلاث جراحات أخرى)، وللمصادفة، فقد أجريت هذه العملية يوم السابع عشر من ديسمبر عام ٢٠١٠ يوم بداية الثورة التونسية. وقد أجريت لوالدتى العملية الأخيرة يوم الثالث عشر من فبراير ٢٠١١ بعد يومين من انتصار الثورة المصرية. وخرجت الوالدة إلى البيت بصحة جيدة والحمد الله. كذلك فإن الثورات التى قامت كانت برءاً للأمة من علتها. وهذه البردة دعاء، ولم أكن أظن أن دعاء مثلى يستجاب،  وقد أصَبْتُ من الدنيا ما أَصَبْتُ، لكن رحمة ربك واسعة، وفى هذه الأمة من الأمهات والآباء والأطفال من تكفى طهارة قلوبهم ليستجاب دعاؤهم، سواء دعوا بالصوت أم بالصمت، كأن هناك مظاهرة مليونية من الأدعية، تكفى ليندس بينها دعائى قليل الجدارة، فتغمره بكرمها، أن «أهلاً وسهلاً ومرحباً أنت فى أهلك وناسك». إن هذه الملايين التى منذ ألف سنة، تحاول وتحاول، هى رسول جماعى، شعب نبى، أمة نبية، تحمل جماعتها رسالة إلى أفرادها  أن لستم وحدكم، إن دعوتم معاً فإن دعاءكم يستجاب، كونوا معاً ولا تخافوا.
...
ولا بد هنا من الإشارة إلى مستوى ثالث من المعنى، يتجاوز التجربة السياسية التاريخية، والتجربة الروحية الفردية. إن كل الحروب والقضايا بل واللغات والحضارات ستفنى، كما فنيت حضارات وديانات ولغات من قبل، وربما يكون ما نموت من أجله اليوم مثاراً للضحك عند أحفادنا بعد ألف سنة أو ألفين، لكن ما سيبقى مثاراً للإعجاب هو سعينا العنيد هذا لأن نحيا، وأن نحيا بكرامة وقدرٍ من الجمال. إن التاريخ يكتسب معنى حين يتحول إلى مَثَلٍ يُضْرَبْ، ونموذج يُحْتَذَى، وإمام يتَّبع، وقِصَّةٍ تُتْلَى وَقَصِيدَةٍ تُسْمَع، يصبح السعى نفسه مثالاً مسعياً إليه. المثال، الشعر، الصورة تصبح مرآة للبشر تظهرهم أجمل مما هم، وتدعو واقعهم إلى أن يصبح بجمال خيالهم. إن القصيدة التى تصور الصراع، تمنحه معنى، وإن عمليات عسكرية  جرت منذ آلاف السنين فى ساحل آسيا الصغرى، لن يبقى منها بعد أن تتغير اللغات والأديان والهويات والخرائط، إلا الإلياذة، لأن الإلياذة ترفع تلك الكومة المشعثة من الأحداث إلى مَعْنَى ما يُعين اللاحقين على تَشَعُّثِ حياتهم. ثم إن الشاعر لم يضف الإلياذة إلى التاريخ، بل نقب التاريخ عنها، كانت الإلياذة هناك بين أقدام الجنود، قشر عنها السياسة فبقى لُبُّها. نعم إن الناس «يتقاتلون على الثريد الأعفر» كما كان الحسن البصرى يقول فى أهل الفتنة الكبرى، ولكنهم فى قتالهم، وتحت غبار المعارك، يكتبون نصاً ما، قصيدة ما، سواء علموا أم يعلموا، يسعون لجمال ما، لبلاغة ما، لدرجة من الاختيار والحرية يهزمون بها اضطرارات الحياة والموت. والمدح النبوى هو من هذا الباب، هو بحث عن السماء فى الأرض، عن الجليل فى اليومى، عن الإلهى فى البشرى، عن الشعر فى النثر، عن الجمال فى الصعوبة، عن الباقى فى العابر، عن النبوة فى الناس، وعن المعنى فى التاريخ
...
كتبتُ إذن بين نوفمبر وديسمبر ٢٠١٠ هذه البردة أعارض بها أنا تميم بن مريد الظاهر البرغوثى العمرى الكنانى، العربى الشامى الأصل المصرى الدار،  بردة الإمام شرف الدين محمد بن سعيد البوصيرى الصنهاجى، المغربى الأصل، المصرى الدار، ثم قصيدة أحمد بن على بن أحمد، المعروف بأحمد شوقى، الكردى الأصل المصرى الدار، على ما للشيخين من فضل السبق. وقد استحضرتهما حتى ظننتهما سيضطران إلى الوقوف معى للحصول على ختم الإقامة من مبنى المجمع، لأن ثلاثتنا، بمنطق الدولة المدنية الحديثة، أجانب عن مصر، أحدهم مغربى والثانى كردى وأنا فلسطينى،  وربما رفضت الداخلية المصرية منحهم الجنسية كما تفعل معى، وإن من اللطيف تصور السيدة زينب بنت سيدنا على رضى الله عنه وهى تقف فى طوابير مجمع التحرير تطلب تمديد إذن إقامة فى مصر بصفتها حجازية لاجئة من العراق ثم يرفض طلبها بحجة كونها خطراً على أمن الدولة.
إننى فى هذه القصيدة أخرج خروجاً صريحاً على مدرسة فى الشعر العربى ترى التراث عبئاً عليها بدلاً من أن يكون سنداً لها، وهى مدرسة تقابل فى الآداب الدولةَ الحديثةَ التى بناها الاستعمار فى السياسة. وإن تقنيات المعارضة والتخميس والتشطير وغيرها من الفنون التى وسمها بعض الحداثيين بفنون عصر الانحدار، تتيح للمرء من أساليب المحاورة والصدى ما شاء. ولذلك فقد قررت الالتزام بكل قواعد المعارضة التراثية، دون أن تكون القصيدة نفسها تقليداً للتراث. ولا أجد حرجاً فى هذه المقدمة من الكلام عن بعض التقنيات كعدد الأبيات أو اختيار القافية مثلاً، فالشكل عندى كلمة فى جملة المضمون لا يستقيم بدونه.
ولما كان من أعراف المعارضة زيادة الشاعر اللاحق فى عدد الأبيات عن الشاعر السابق، ولما كانت أبيات البوصيرى مائة وستين، وزاد شوقى أبيات النهج إلى مائة وتسعين، فإننى أتممتها مائتين، وغيرت القافية من الميم إلى الدال، لأن فى معنى القصيدة بعض الانقلاب عن  معانى سابقتيها، فأحببت أن يرادف ذلك انقلاب فى الشكل، فيكون صدر بيت القصيدة الأشهر :مولاى صل وسلم دائماً أبداً…على حبيبك خير الخلق كلهمِ، هو عجز البيت الذى يبدأ به المديح فى هذه القصيدة.
...
ختاماً، فقد كتبت هذه القصيدة استنجاداً بالروح على الجسد، وبالأهل على الغربة، وبالأنس على الوحشة، ولم أنشر القصيدة لأنها بنت تجربة شخصية، ولأننى خفت إذا نشرتها بعد الثورة أن يظن أن بها تملقاً للحكام الجدد لمصر والعالم العربى من الإخوان المسلمين، وهو افتراض مضحك، ولكن بعض الناس قد يظنه، فأخرت نشرها، ولكن حين رأيت انتصار الأطفال المحاصرين فى بلدى على غزاتهم فى هذه الحرب الأخيرة ووقفت معهم تحت القصف فى ساحة مستشفى الشفاء ورأيتهم حين سقطت قذيفة بجوار المستشفى يركضون متجهين إليها لا هاربين منها، وتبسم لى طفل جريح اسمه أنس رأيت المعجز فى اليومى كما أن شروق الشمس معجزة يومية وأحببت أن أصلى على النبى وأنشرها.
وقد كان زهير بن أبى سلمى، أبو كعب الذى مدح النبى بقصيدته «بانت سعاد» فأهداه بردته، وهى البردة التى رآها البوصيرى فى المنام وبها سميت قصيدته البردة، أقول كان أبو كعب، زهير هذا، يصبر على القصيدة حولاً، أى سنة كاملة قبل أن ينشرها على الناس، فقد صبرت على هذه القصيدة سنتين، خائفاً من نشرها، خوفاً داخلياً من أن يسمح المرء بهذا الحد من كشف الذات، وخوفاً خارجياً من أن تبنى نصاً على نص هو على هذه الدرجة من الشهرة... ولكن الله المستعان... 
...
وبقى أن يعتذر المرء من الرسول عليه الصلاة والسلام نفسه. إن مادحك يا أبا القاسم لا يمدحك وحده: فإن كتب يقول «رِيمٌ عَلَى القَاعِ بَيْنَ البَانِ وَالعَلَمِ ، أَحَلَّ سَفْكَ دَمِى فِى الأَشْهُرِ الحُرُمِ» أو قال «أَمِنْ تَذَكُّرِ جِيرَانٍ بِذِى سَلَمِ، مَزَجْتَ دَمْعَاً جَرَى مِنْ مُقْلَةٍ بِدَمِ» أو قال: «بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِى اليَوْمَ مَتْبُولُ، مُتَيَّمٌ إِثْرَهَا لَمْ يُفْدَ مَكْبُولُ» فإنما كتب المطلع، ولو بلغ عدد أبياته المِئِين، فإن الشعر يكمن أيضاً فيما أضافه الناس لكلامنا، هم قالوا إن البردة لو وضعت على عينى كفيف أبصر، وعلى عينى أرمد شفى، وعلى رأس محموم أبل، وعلى بطن حبلى وضعت ولداً صحيحاً يعيش، وهم جعلوا هذه القصائد أحجبة وأحرازاً، ونقشوها على أسبلة المساجد وأسيجة البيوت، وهذا شعر كتبوه هم لا نحن. إن سامِعَكَ يشارك فى مدحك، ويكمل القصيدة.  إنك يا أبا القاسم حين تُمدح فإن الشعر لا ينتهى بانتهاء الإنشاد. وذلك لأنك «من أنفسنا» ولأنه كان «عزيزاً عليك ما عَنِتْنَا» ولأنك كنت «حَرِيصَاً علينا» ولأنك كنت فَأْلَ هذه الأمة الحَسَن، فكنت متعباً مثلنا، ومظلوماً مثلنا، ومنفياً مثلناً، ومُكَذَّباً ومكذوباً عليك مثلنا، ثم انتصرت.