القيمة الأخلاقية مثلت لي دائما حدا فاصلا في قبول الأفكار و ربما تبنيها أو رفضها ..
أو هي كلمات عبدالرحمن الشرقاوي(الكلمة نور .. و بعض الكلمات قبور)!!
احتاج الأمر لوقت طويل نسبيا للفصل بين القيمة الأخلاقية للشخص و تقييم منتجه!!
و من هنا حين قال الراحل الفذ الدكتور عبدالوهاب المسيري كلماته البارعة و هو يقود أحد مظاهرات كفاية (المثقف مكانه الشارع) مثلت صدمة لمتصدري المشهد الثقافي المصري في ذلك الوقت..
و الذين و للأسف لا زالوا في موقع الصدارة الإعلامية حتى الآن.. لا لقيمة أخلاقية واضحة و لكن لأنهم -في جلهم- استطاعوا دائما التماهي مع كل عصر و نقيضه..
هذه القيمة الأخلاقية هي التي أعطت مثقفين آخرين طابع التوهج الدائم حتى بعد رحيلهم مثل جورج أورويل الناقد بشدة لمظاهر الحضارة المادية في لحظات مجدها في وقت كان الجميع في رحابها يتعبد ( كانت مذكراته جورج أورويل متشردا في باريس و لندن تمثل لي أنموذجا رائعا في تحويل الحكاية لرؤية نقدية متأملة)
و كذلك ألبير كامي الذي مثل الجوهر الأخلاقي في انتقاد الممارسات الاستعمارية للإمبراطورية الفرنسية ..
كان كتاب الدكتور جلال أمين التنوير الزائف مفيدا في رؤية الجانب الآخر لإدعاء التنوير بنماذجه الفاقعة..
و طبعا مذكراته مثلت عملا خارج السياق رغم عدم استيعابي لنظرية المؤامرة التي يتبناها بإفراط..
بإسقاط القيمة الأخلاقية على الواقع و منذ بدايات الثورة و حتى اللحظة الحالية يتمثل لي نموذجين مدهشين هما الدكتور سيف الدين عبدالفتاح و الدكتور مصطفى حجازي
سيف عبدالفتاح مثل ضمير الوطن و المثقف كما يجب أن يكون في اختياراته الأخلاقية .. سواء حين اختار العمل مع الرئيس مرسي ثم حين استقال (لأدرك أن هناك أزمة أخلاقية يعيشها النظام في ذلك الوقت)..
و لكن ذلك لم يمنعه فيما بعد أن يقود مسيرة الطلاب و الأساتذة في جامعة القاهرة ضد الانقلاب العسكري .. كانت المبادئ دائما نبراسا لامعا في اختياراته سواء اتفقنا معها أو اختلفنا..
النموذج الأكثر دهشة كان مصطفى حجازي المفكر اللامع الذي ظهر كالمنظر الأهم للثورة بأطروحاته الرائعة عن الشعب القائد و المعلم .. و الشعب سيد نفسه .. هو اختار موقفا على يسار حكم مرسي من البداية و هذا كان متسقا مع أفكاره ..
لكن لحظة الغرابة كانت متجلية حين ظهر الرجل بعد مجزرة بشعة ضد معتصمي رابعة ليقول كلمات هراء من قبيل (لم يكن الشعب موحدا كما هو الآن ..!!) .. كانت لحظة قاصمة في احترامي للرجل !!
ربما تكون تلك القيمة الأخلاقية و الضمير المتقد هو الذي جعل من الدكتور محمد البرادعي رمزا للثورة في بداياتها المتقدة..
حتى حين خذلنا الرجل في مواقف سياسية مختلفة لكن ظل الاحترام له كمنظر و رمز..
حتى جاءت اللحظة التي أجد فيها الرجل المدني المتحضر على المنصة مع قائد الجيش مباركا انقلاب عسكري!! لن تفيد كثيرا مواقفه الإنسانية اللاحقة لأنه موقفه الأول كان أكثر تأثيرا و كارثية !!
ربما تنطبق الفكرة هنا على كثير ممن يستحقون احتراما يتزايد مع الزمن رغم التناقض بينهم..
سنتذكر أمل دنقل شاعر الرفض الذي فضل الصعلكة على نعيم السلطة و مات غريبا في غرفته المنزوية 707 ..
محمد الغزالي من شاطيء آخر لم يمنعه من الانتصار لقيمة الحرية و انتقاد من يتجاوزها حتى و إن كانوا من نسقه الفكري..
تلك القيمة الأخلاقية هي التي جعلت البريطانيين ينصبون تشارلز ديكنز كأعظم كتابهم و يتداولون كتبه رغم كرههم له و لها و ذلك لأنها تجعلهم ينظرون إلى ثقوبهم المجتمعية و الطبقية و سحق الفقراء..!!
بينما عندنا يموت جمال حمدان في حادث لا نفهمه و نضفي عليه قداسة الغموض مع إهالة تراب النسيان على كتاباته النقدية !!
فتش عن القيمة .. فلا تغرنك أناقة الكلمات و لا هالة الأسماء و المسميات !!
أو هي كلمات عبدالرحمن الشرقاوي(الكلمة نور .. و بعض الكلمات قبور)!!
احتاج الأمر لوقت طويل نسبيا للفصل بين القيمة الأخلاقية للشخص و تقييم منتجه!!
و من هنا حين قال الراحل الفذ الدكتور عبدالوهاب المسيري كلماته البارعة و هو يقود أحد مظاهرات كفاية (المثقف مكانه الشارع) مثلت صدمة لمتصدري المشهد الثقافي المصري في ذلك الوقت..
و الذين و للأسف لا زالوا في موقع الصدارة الإعلامية حتى الآن.. لا لقيمة أخلاقية واضحة و لكن لأنهم -في جلهم- استطاعوا دائما التماهي مع كل عصر و نقيضه..
هذه القيمة الأخلاقية هي التي أعطت مثقفين آخرين طابع التوهج الدائم حتى بعد رحيلهم مثل جورج أورويل الناقد بشدة لمظاهر الحضارة المادية في لحظات مجدها في وقت كان الجميع في رحابها يتعبد ( كانت مذكراته جورج أورويل متشردا في باريس و لندن تمثل لي أنموذجا رائعا في تحويل الحكاية لرؤية نقدية متأملة)
و كذلك ألبير كامي الذي مثل الجوهر الأخلاقي في انتقاد الممارسات الاستعمارية للإمبراطورية الفرنسية ..
كان كتاب الدكتور جلال أمين التنوير الزائف مفيدا في رؤية الجانب الآخر لإدعاء التنوير بنماذجه الفاقعة..
و طبعا مذكراته مثلت عملا خارج السياق رغم عدم استيعابي لنظرية المؤامرة التي يتبناها بإفراط..
بإسقاط القيمة الأخلاقية على الواقع و منذ بدايات الثورة و حتى اللحظة الحالية يتمثل لي نموذجين مدهشين هما الدكتور سيف الدين عبدالفتاح و الدكتور مصطفى حجازي
سيف عبدالفتاح مثل ضمير الوطن و المثقف كما يجب أن يكون في اختياراته الأخلاقية .. سواء حين اختار العمل مع الرئيس مرسي ثم حين استقال (لأدرك أن هناك أزمة أخلاقية يعيشها النظام في ذلك الوقت)..
و لكن ذلك لم يمنعه فيما بعد أن يقود مسيرة الطلاب و الأساتذة في جامعة القاهرة ضد الانقلاب العسكري .. كانت المبادئ دائما نبراسا لامعا في اختياراته سواء اتفقنا معها أو اختلفنا..
النموذج الأكثر دهشة كان مصطفى حجازي المفكر اللامع الذي ظهر كالمنظر الأهم للثورة بأطروحاته الرائعة عن الشعب القائد و المعلم .. و الشعب سيد نفسه .. هو اختار موقفا على يسار حكم مرسي من البداية و هذا كان متسقا مع أفكاره ..
لكن لحظة الغرابة كانت متجلية حين ظهر الرجل بعد مجزرة بشعة ضد معتصمي رابعة ليقول كلمات هراء من قبيل (لم يكن الشعب موحدا كما هو الآن ..!!) .. كانت لحظة قاصمة في احترامي للرجل !!
ربما تكون تلك القيمة الأخلاقية و الضمير المتقد هو الذي جعل من الدكتور محمد البرادعي رمزا للثورة في بداياتها المتقدة..
حتى حين خذلنا الرجل في مواقف سياسية مختلفة لكن ظل الاحترام له كمنظر و رمز..
حتى جاءت اللحظة التي أجد فيها الرجل المدني المتحضر على المنصة مع قائد الجيش مباركا انقلاب عسكري!! لن تفيد كثيرا مواقفه الإنسانية اللاحقة لأنه موقفه الأول كان أكثر تأثيرا و كارثية !!
ربما تنطبق الفكرة هنا على كثير ممن يستحقون احتراما يتزايد مع الزمن رغم التناقض بينهم..
سنتذكر أمل دنقل شاعر الرفض الذي فضل الصعلكة على نعيم السلطة و مات غريبا في غرفته المنزوية 707 ..
محمد الغزالي من شاطيء آخر لم يمنعه من الانتصار لقيمة الحرية و انتقاد من يتجاوزها حتى و إن كانوا من نسقه الفكري..
تلك القيمة الأخلاقية هي التي جعلت البريطانيين ينصبون تشارلز ديكنز كأعظم كتابهم و يتداولون كتبه رغم كرههم له و لها و ذلك لأنها تجعلهم ينظرون إلى ثقوبهم المجتمعية و الطبقية و سحق الفقراء..!!
بينما عندنا يموت جمال حمدان في حادث لا نفهمه و نضفي عليه قداسة الغموض مع إهالة تراب النسيان على كتاباته النقدية !!
فتش عن القيمة .. فلا تغرنك أناقة الكلمات و لا هالة الأسماء و المسميات !!
Post by Abdou Alterkawi.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق