جدلت كل تلك الأفكار في ضفيرة جميلة و عبرت بها عنا تماما !!
لدى نقطتان:
١. نزول الدكتورة هبة للشارع .. و اختلاطها بالناس و الاستماع إليهم و النصح لهم و نشر الوعي بينهم .. فضلت ذلك لقاءات الإعلام .. طبقت مقولة أستاذها الفذ (المثقف مكانه الشارع) .. تبهرني هذه السيدة و رفاقها كثيرا و يزداد حبنا لهم أكثر
٢. تحليل موقف الجيش اختلف معها فيه: د. هبة حللت الموقف باعتبار الجيش قوة موسسية توافقية .. لكن الآن الموقف أسوأ من كل المراحل السابقة حتى أيام طنطاوي و سنحتاج لوقت طويل لنستفيق منه.
السيسي نقل الجيش تماما لحالة الخصومة كطرف يحمل القوة الرادعة .. و تطور الموقف بخطاب الأمس الذي ألقاه السيسي كزعيم أمة دون اعتبار لهيكل الدولة ليصبح الجيش و و من قبله قائده فوق كل قوة أو مؤسسة .. ربما تكون المعركة القادمة و التي جندت لها الوسائل الإعلامية بفاشية مقدمة لانقضاض نهائي لصناعة صورة الزعيم .. و تغيير هيكل الدولة تماما
----
نقاط من المقال
بدأت كتابة هذا المقال صباح الثلاثاء في سيناء وأنا أسجل ملاحظات ورؤى أبناء هذا الجزء العزيز من الوطن على ما يجري في الوادي..أجلس في الوديان مع مشايخ وشباب ونحن نحتسي الشاي بالحَبَق بعد الافطار.. يروون لي تاريخ الاحتلال الاسرائيلي..وحبهم للوطن ..وينظرون بعين البصيرة للخرائط ويؤكدون لي أنه لا مناص من تفاوض القوى السياسية (قال لي أحدهم لو كانت المشكلات عندنا لجلسنا وقمنا بحلها ) ويتحدثون معي عن إشكاليات تعامل الدولة مع سيناء كملف أمني فقط .. وأقيس ما عندهم من حكمة السنين مع ما عندي من رؤية للواقع تجمع بين المعرفة النظرية في مجال الاجتماع والسياسة -غايتها الحفاظ على الوطن وأهله وناسه وجيشه وكرامة مواطنيه وناخبيه ..وحرمة دماء كل إنسان فيه.
وها أنا أكتب في طريقي للعودة للعاصمة ..المركز..القاهرة.
في تصريحات وحوارات صحفية لرموز سياسية ما يكشف أن الإعداد لهذه اللحظة سبق بشهور ....وأمام هذا المشهد كان أمامي إما خيار العودة لكتابة تعليقات وتغريدات تلهث وراء تفاصيل الأحداث، أو كان البديل هو : البحث عن مخرج مع تنامي موجة الكراهية وانتشار الدم وتصاعد التحريض من كل فصيل ضد الآخرين من على كل المنصات وتحت كل الشعارات -وهي آفة المشهد السياسي لشهور ..وكان لزاماً التفكير في كيفية التعامل مع وقف وإجهاض المسار الانتخابي والدستوري الذي كان خارطة الطريق التي ارتضاها أغلبية الشعب بانتخاب نوابه ثم بانتخاب أول رئيس مدني والتصويت على دستور..أياً ما كان رأينا في مجلس الشعب أو في الدستور أو في شخص أو أداء الرئيس.
كان رأيي لمن كان يقول لي أن محمد مرسي لم يترك خياراً آخر..هو أن "الملايين" التي نزلت ٣٠ يونيو لو بقيت في الشوارع أسبوعاً وبشكل سلمي وحافظت على المسار الديمقراطي الانتخابي لتغير المشهد برمته ولكن وفق نفس القواعد السلمية الديمقراطية..ولما وصلنا لهذا المأزق .. وكان سيغدو لهم كمواطنين كامل الحق في الإصرار على ذلك..لكن ما حدث هو أن قطاعاً من الشعب حظي بالحماية والمساندة ، وكان حظ ملايين أخرى الاستباحة الإعلامية والقتل العشوائي- دون تمييز بين من يحمل سلاحاً يحق للدولة القبض عليه ومن يتحرك بسلمية ينبغي حمايته لا تسليمه للقتل وإعمال القنص..واختلط الحابل بالنابل ودقت طبول الحرب وزاد نزيف الدم.
تصريحات وزير الدفاع ونداءه لنزول "الشرفاء" يجعل كل المساعي والجهود للتفكير المتكامل في البحث عن مخرج تصاب بالخذلان والشلل التام ..وذلك لأنه يقوم وللمرة الثانية -و خلال أسابيع – بالقفز حتى على الواجهة الديمقراطية الهشة التي يحاول بها تحسين صورة الأوضاع أمام العالم. فدعوته "الشعب"مباشرة للنزول للشارع لمنحه تفويضاً بمكافحة "الإرهاب" – هكذا- دون أن يحدد ما نطاقه وتعريفه..ولا توضيح الفارق والتمييز بين ما يجري في سيناء من جماعات مسلحة مثلا وما يحدث في شوارع القاهرة أياً كانت درجة عنفه وطبيعة أطرافه.. ودون إطار قانوني واضح..وخارج الصندوق تماما ..وفي غياب دستور ومجلس شعب..يجعل الفريق عبد الفتاح السيسي محتكراً-للمرة الثانية- للحديث باسم الإرادة الشعبية ومتجاوزاً ..للمرة الثانية ..رئيس الجمهورية المؤقت بعد أن قام سابقاً بإزاحة وإخفاء الرئيس المدني المنتخب في "مكان آمن"- ويبدو أنه سيكون المكان الآمن الوحيد في مصر لو أصبحت الحرب على الإرهاب عقيدة الجيش المركزية بتعريف مفتوح وغامض لمن هو الإرهابي وما هو الإرهاب.(جيلي يذكر مشهد التسعينات في مصر..ثم مشهد الولايات المتحدة نفسها داخليا في ظل حملة الحرب على الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر)
هذه الدعوة التي وجهها وزير الدفاع عامة للناس للنزول لدعمه تنذر باقتتال أهلي مفتوح لا نرجوه لمصر..- بدلاً من دور الجيش الذي كان منشوداً في نزع فتيل ذلك- والذي أراه ما زال ممكناً وما زال مطلوباً بأسرع وقت.
..إن هناك -يا سادة - حدوداً للقوة وللسيطرة .. والسلطة السيادية لا تقوم على أدوات القوة وحدها أبدا بل تستند أصلاً وشرعية على توافق مجتمعي وثقافي في الحد الأدنى يشهد اليوم انحساراً ..وزاده تدخل الجيش في المشهد استقطاباً ،وهناك مهام للمؤسسات العسكرية في الدولة الحديثة وهناك منطق للمجتمعات ودورات حياة للقيم المدنية، والديمقراطية ليست وثناً لكنها آليات وصيغ توافقية على انتقال السلطة لتجنيب الشعوب ويلات النزاعات الأهلية..وصراع محتمل بين المجتمع والسلطة.استخدام القوة في حسم الخلاف يدفع ثمنه الجميع عاجلاً أم آجلاً..، والأمن الشامل الذي يحلم به المواطن المصري يحتاج خطة واضحة ومساراً محدداً..والكرامة والإرادة الشعبية لها مؤشرات ومسارات. وتعلمنا في الدراسات الاجتماعية أنه كلما قلت درجة التوافق على قواعد إدارة الثروة والسلطة ارتفعت درجة العنف..سواء أكان عنف الدولة أم عنف المجتمع. (أبجديات مكررة)
إن مطلب الأمن الشامل لن يتحقق إلا بالعودة لقواعد احترام إرادة الناخبين وسلمية المجتمع وقيام السلطة بدورها في تأمين كل المواطنين دون تمييز واحترام القانون وتفعيل مسار الاصلاح الأمني بشفافية ، والعودة قبل فوات الأوان -ليس لحكم مرسي ولا حكم الإخوان- بل لمعيار إرادة الناخبين كما يعبرون عنها في الصناديق وعبر الانتخابات..وليس بالترويج لحشد الحشود بدعوة من وزير الدفاع ..أو القبول بديمقراطية الكاميرات التي تدور بها الطائرات الحربية والمروحيات ..لتعلن الفضائيات –إن أرادت-أن الشعب كله في الشارع..بدون حصر ولا عد..ولا مراجعة..ولا محاسبة.
إن القوى السياسية مدعوة للجلوس دون شروط مسبقة للاتفاق على خارطة طريق لا تقفز فوق إرادة الملايين وتعيد بناء التيار العام وتوقف الاقتتال الأهلي..وترسم للجيش حدود والقواعد التي سيتحرك في إطارها..خارطة طريق يحترم فيها الإعلام إنسانية البشر وأمانة النقل وتقديم المصالح العامة..ويضع فيها هذا المشهد أوزاره..وتعترف القوى المختلفة بأخطاءها (لا أحد هنا يعترف باي أخطاء) وتحدد أولويات المرحلة القادمة مع إعطاء أولوية لملف مياه النيل وإنقاذ الاقتصاد.
وإذا كان هناك لجنة للحقيقة والعدالة ثم المصالحة الوطنية نحتاجها الآن فإن على النخب أن تفسح المجال لصوت أهالينا في المحافظات..فاحتكار نخبة القاهرة والطبقات الوسطى والعليا الحديث باسم مصر أهلكنا ..أو يوشك.
ستخرج مصر من هذه الحقبة..نأمل فقط أن يكون ذلك بأقل خسائر..فقد سمحت لي ظروفي بدراسة التجربة الألمانية في الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين بشكل تفصيلي، والاطلاع على تجربة جنوب افريقيا بزيارتين لهذا البلد بعد سقوط نظام الفصل العنصري في التسعينات ..وقرأت الكثير من أدبيات الحرب اللبنانية.....ونعم ..كان هناك دوماً في التاريخ قطاع من الشعوب يقبل كما رأينا نمو فاشية عسكرية أو فاشية دينية أو حتى سياسات فصل عنصري ..حدث هذا وتكرر في تاريخ الإنسانية.. ولم يشعر هؤلاء الذين قبلوا ذلك بالعار إلا بعدها بسنوات طويلة.
نعم..حدث بالفعل.
نرجو أن يتعلم الناس من التاريخ ..ومن سنة الله في الذين خَلَوا من قبل.
كان ضمن آخر ما كتبته في جريدة الدستور ٢٠١٠ قبل ثورة ٢٥ يناير سلسلة مقالات تحت عنوان "عودة الجمهورية" تحدثت فيها عن رفض التوريث والاستبداد والقبضة البوليسية التي لا تحترم كرامة وحقوق المواطن ليس فقط لأنها ضد الديمقراطية بل لأنها تهدم قيم الجمهورية ، ولم تكن غايتنا من ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ فقط تأسيس ديمقراطية كنا نطالب بها لسنوات طويلة في الشارع مروراً بالدفاع عن القضاة ٢٠٠٦..بل حراسة وحماية "الجمهورية" .. بعد دعوة الفريق السيسي على الجميع أن يعرف حساسية وخطورة ما نحن بصدده ..وخيارات الناس في النهاية أماناتهم في الدنيا والآخرة -- وأخشى أن مخاطبة الفريق السيسي مباشرة للشعب بالنزول لتفويضه في مكافحة العنف والإرهاب ينقل مصر اليوم من طريق الجمهورية إلى مسار "الجماهيرية"..وعلى المصريين أن يفكروا جيداً في عواقب ذلك على كرامتهم وحريتهم ..وأمنهم.
والله أعلم..
ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين
رب اجعل هذا البلد آمناً
..
هبة رءوف عزت
مواطنة مصرية
http://www.facebook.com/terkawi/posts/10200838947870608
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق