الجمعة، 1 فبراير 2013

خايف لتكون نسيتينا و هجرتينا و حالفه ما تعود ..



لأول مرة ارفع رأسي متأملا الطريق إلى المنزل الذي اقطعه يوميا .. لكن هناك دائما ما يشغلك .. كتاب أو حديث إلى صديق .. تؤجل مد البصر للغد الذي لا يأتي أبدا .. اتذكر اللافتة التي كانت معلقة بأناقة على محل عصير عقيل "غدا البيع مجانا".

لا مكان هناك فأصعد للطابق الثاني و استكمل قراءة "بروكلين هايتس" رواية ميرال الطحاوي أصل لنهايتها متتبعا هند و قصتها الممتدة بين غربتي الوطن فى قريتها المستقرة بأبدية على ضفاف النيل و حي بروكلين فى نيويورك .. تختتم الرواية مشاهدها بهند و هي تقلب إرث ليليت العجوز التى خاضت رحلتها المبكرة لتحط رحالها فى نيويورك حاملة ذكرياتها و مقتنياتها ليأتي ابنها من أجل أمه التى هجرته لكن الزهايمر كان أسبق كثيرا .. تقلب هند مذكراتها لتجد ذلك التشابه المفزع و الحكاية التى تستعيد فصولها عبر التاريخ.

طويت الكتاب متأملا ذلك البساط الأبيض الممتد بأناقة لكنه علامة على تلك البرودة التى ستكون معها حذرا تماما من تسرب موجاتها إلى رأتيك المتعبتين و ستتخير طريقك هربا من الانزلاق!

مع نغمات تلك الأغاني الكلاسيكية يسرح البصر فى أمس مصر الحزين بين دوامات العنف الغريب .. يصدح صوت عبدالوهاب الدكالي (مرسول الحب فين مشيت و فين غبت علينا) .. تستعيد الذاكرة مشاهد كر و فر الأمس المفزع (تايه فى ليل بلا قمرة) يفتش المرء عن بعض حبات الأمل (غيابك طال هذي المرة) .. يشاهد المرء الفرقاء و هم يتصارعون على إرث ليليت المنهزمة أمام المرض و الموت و الذي عبر عن جمالها يوما علي سلامة بكلماته (دي اللي كانت حلوة و زي القمر .. فجأة كبرت و بان عليها الكبر .. زهقت .. اخدت هرمها على نيلها و هاجرت .. خايف اصحى من النوم ما الاقيش مصر) ..
وصل الباص لمحطته الأخيرة اضغط زر الوصول و الدكالي يرتفع بصوته لمقام حزين .. خايف لتكون نسيتينا و هجرتينا و حالفه ما تعود ..


عبدالعظيم
برلين  26 يناير 2013

هناك تعليق واحد: