الاثنين، 31 ديسمبر 2012



ثورة الأرض by José Saramago

محال .. يوسف زيدان



محال by يوسف زيدان

by 
Dec 03, 12  ·  edit
1 of 5 stars false
bookshelves: novels 
Read from November 27 to December 03, 2012

http://www.goodreads.com/review/show/381647914



يبتعد يوسف زيدان هذه المرة عن عالمه و مناطق تميزه التي بدأت بـ "ظل الأفعى" ليرتفع المنحنى عاليا مع رواية بديعة و قراءة للتاريخ مميزة في عزازيل التي تناول قصتها فيلم أسباني مفعم بالجمال هو
(Agora آجورا) ..
ليسير بعدها متوازيا قليلا مع "النبطي" ..

لكن أيقونات زيدان فشلت في "محال" و محاولة تقديم رواية سرديه و كأنه كان متأثرا بالنقد الذي وجه له من قبل من أن مناطق السرد عنده ليست في تميز النجيب محفوظ و اعتقد ان زيدان لم يدرك ان مناطق تميزه تكمن هنا في القدرة على توظيف معارفه التاريخيه الموثقه كمتخصص في علم المخطوطات فضلا عن رؤيته النقديه المميزه التي لا تملك الا احترامها حتى مع الاختلاف !!

لغة السرد هنا في :"محال" نمطية محبطة و الثغرات الدراميه اكبر من الرتق!! استعار فيها زيدان قصة مصور الجزيرة السوداني لبناء خط درامي بدا محبطا للغايه على طول الروايه .. مع كلمات على الغلاف الأخير كانت مخادعة و مرواغة!!

ملحوظه:
لا أدري لماذا و احداث هذه الروايه تمر على سمرقند دون ترك أي أثر !! تذكرت العمل البديع لـمحمد المنسي قنديل "قمر على سمرقند" أيقونته المتألقه

يوتوبيا .. أحمد خالد توفيق



يوتوبيا by أحمد خالد توفيق

Nov 06, 12  ·  edit
4 of 5 stars false
Read in October, 2012





و كأن أحمد خالد توفيق كان يكتب روايته في العام 2007 من خلال بلور العراف مزود بنظر الكاتب الثاقب و سحر الكلمات .. رواية سوداوية مؤلمة، لكن لو استعدنا بعضا من ذاكرتنا في تلك الأيام قبل 25 يناير 2010 .. لوجدناها مناسبه و معبره تماما عن أرواحنا المعذبه في تلك الأيام و الوطن يؤول للوريث على مهل و الناس تضيق بهم سبل العيش وانحرافات الناس النابعة من ظلم و فقر و فساد زكمت روائحه نفوسا تريد الاحتفاظ بأطراف نفوسها غير مغبرة.. و لا مناص إلا بهروب أو اغلاق الباب دون الحياة أو ان تكتب .. او تثور ذلك الخيار الساحر التي أهدته لنا تونس فأبهرنا به العالم من بعد .. مشهد النهايه الدراميه في النفق .. و قتل الفتى الذي كان يمثل بعضا من بقايا النبل حتى و إن ذاب جلها في مجتمع يموج ببقايا الميته!! هي قصة خالد سعيد و هي قصة الثورة .. تحيه لأحمد خالد توفيق الذي لم يخذلنا في كتاباته أبدا

بيت النار .. محمود الورداني







ليس من العادة أن يقيم المرء عملا قبل إتمام قراءته .. لكن هذه الروايه استلبتني تماما اتحين الفرص في الطريق أو في استراحة الغداء بصحبة كوب الشاي المعتاد للاستمرار فيها .. 

خطفت نظرة لفصلها الأخير لعلي أجد تلك النهايه غير المتوقعه التي تسلب لبّك لتدفعك لالتهام الأحداث لتعرف كيف وصل الراوي بنا هناك!! لكني فُوجئت بها نهاية عادية تماما لكنها هنا مناسبه تماما في رواية جمالها في بساطتها أنيقة الكلمات و التعبيرات

أتتبع مسارات الحكايه الآسرة و هي تنسج خيوط العلاقه الرائعة بين قمر و مصطفى .. الأم التي ترملت في مقتبل عمرها فكانا وليديها هما منتهى أملها و مصدر قوتها و ضعفها في آن .. و الولد البكر الـذي يرى كفاح محبوبته الرؤوم فيجمع جهده حتى لا يرى دموع الحيرة و الانهزام أبدا على وجهها جميل المحيا جميل الابتسام .. يتذكر المرء هنا رواية الوتد لخيري شلبي

كان محمود الورداني بارعا و هو يعبر مناطق الألم و الانهزام سريعا دون إطالة أو استدرار دموع قراءه .. لنعبره معه كــ (ألم خفيف كريشة طائر تنتقل بهدوء من مكان لآخر .. كما عبر عنه يوما علاء خالد) .. إنه ملح الحياة الذي لا غنى عنه لتحلو و لنشعر بلذة تلك النجاحات الصغيرة فيها و كأننا ملكناها و هي كانت كذلك حينها بالفعل
....
بعد انتهاء القراءة للرواية المراوغة .. هادئة اللغة .. درامية الأحداث .. المقدمات تؤدي للنتائج ! حياة مصطفى المتنقلة بصحبة قمر عبر شوارع مصر و حواريها هبوطا في أفق الحياة و صعودا .. و المهن التي اضطر أن يعمل بها من عامل ثلج و بائع عصير و صحفي مرمطون و .. كان لا بد أن تنتهي به مناضلا شيوعيا ليقع في حب سارة .. و ليجد طريقه للمعتقل مستعيدا حياته و يبحث مناطق الخطأ في الفكرة و التجربة التي تحسمها سارة بأن اختيارها للجمعية و له كان خطأ و لا بد من هدنه .. ليختم الرواي الحكايه بفصل رائع عن الأحلام التي لا زالت في جبعة الحالم باليوتوبيا التي أبدا لن تكون .. كان عملا ممتعا

نقطة النور .. بهاء طاهر



نقطة النور by بهاء طاهر
  









بإيقاع مختلف هذه المرة .. ينساب رقراقا حالما .. يلف نسيمه أرجاء الحياة بحثا عن تلك المعاني المفتقدة دائما .. أين أرض الطمأنينة؟ .. أين هي سماء السكينة؟ .. أين هو عالم الحب؟ .. أين أنت يا نقطة النور؟!.

و مع بهاء طاهر و في أرجاء عالمه الساحر سنشد الرحال و نعبر البحار و الأمل دوما يحدونا .. أنه في لحظة ما و في مكان ما .. سنجد المعنى و يرشدنا الدليل …


***
القدر هو الذي قادني لاقتناء تلك الرواية الصغيرة الجميلة لـ بهاء طاهر، حين وجدت نسخة من ( نقطة النور ) ضمن مطبوعات مكتبة الأسرة 2005 ( إصدارات بهاء طاهر كلها تصدر عن دار الهلال ).

و القدر هو الذي أراد أن تتأجل قراءتي لهذه الرواية حتى هذا العام .. أي أنه فات عليًّ عامان و هذا الكنز مخبوء بين أرفف مكتبتي دون أن أكتشفه أو أحاول الاكتشاف! 

كنت قد قرأت جلّ أعمال بهاء طاهر .. الأعمال الكاملة عن دار الهلال – الحب في المنفى – و حتى عمله الأخير واحة الغروب .. للأسف فاتني عمله خالتي صفية و الدير، لكنني سأقتنيه قريبا و سأغبر عالمه بشوق.

تهت في عالم بهاء طاهر .. مع أبطاله التائهين دائماً .. الحائرين القلقين الباحثين عن المعنى و الباحثين عن الذات.

ذروة الحيرة و القلق كانت مع عمله الدسم البديع – الحب في المنفى – خرجت من أجواء هذه الرواية مرهق أشد ما يكون الإرهاق .. و القلب يعتمل فيه ألف سؤال و سؤال .. و الرأس يقلقه ألف معنى ومعنى .. و التيه في صحراء الهوية و الذات و الوطن هو العنوان.

و تكرر المشهد مرارا مع كل عمل لبهاء طاهر .. أنا الملك جئت – قالت ضحى – بالأمس حلمت بك - …… – و حتى عمله الأخير واحة الغروب.

لكنها ليست تلك الحيرة العابثة أو السفسطائية .. لا تحمل معنى التجاوز أو الشطط ..

و إنما هي حيرة ذلك الرومانسي الحالم .. الذي أفاق في شبابه على آمال القومية و أحلام ناصر .. شاب ينتمي لجيل تسرب إلى يقينه يوما بأن قدرته على الفعل لا حد لها و بأن سقف الأحلام لا حد له لأن ما يمكن تحقيقه على أرض الواقع أكثر رحابة و أعرض حتى من الأحلام.

و كما أفاق هذا الجيل - أو هكذا ظن – على تلك الأماني، انقصم ظهره و تشتت أحلامه و ضاعت آماله و تاهت روحه و ذابت تحت أقدامه كل المعاني مع هزيمة يونيو 67 …

و كانت إفاقتهم الثانية – أو قل غيبوبتهم – لكن هذه المرة تجسدت أمامهم أوهامهم التي ظنوا يوما أنها آمالا سيسمون بها فوق الفضاء .. و في تلك اللحظة ثار ألف سؤال .. و النفس تاهت في ألف وادي .. و الروح ضاعت في ألف ميدان .. و كانت ذروة التعبير عن ذلك بل و سحبك إلى تلك الأرض – أرض الأوهام – مع الحب في المنفى ..

و توالت أسئلة الحيرة و لا زال البحث يفضي إلى بحث ثم إلى سؤال .. و لا مخرج كان .. و لا يبدو أن هناك من مخرج أو ذرة أمل حتى الآن!

حتى كان موعدي مع هذا العمل البديع الجميل الذي تأجلت قراءتي له مرارا و كأن القدر ادخره لي للحظة المناسبة و التي أنا فيها في بحث عن تلك المعاني و عن ( نقطة النور ).

و كأعمال بهاء طاهر دائما .. الروح قلقة و البحث لا زال مستمرا عن المستقر .. لكننا هنا نبحث عن معاني أكثر بساطة – أو هكذا نظن – معاني كلنا نبحث عنها ليس لنرتفع فوق السحاب و إنما لنستمر في الحياة.

و بلغة صوفية تؤيدها مراجع و كلمات صوفية من التراث استعان بها طاهر .. و بحرفيته المعهودة يسحبك لعالمه، و لكن هذه المرة بهدوء و تدرج .. قليلا .. قليلا .. و يأخذك العالم و يسحرك المعنى و تصبح أنت الباحث .. أنت الباشكاتب و أنت سالم و أنت من تتلمس طريق أبو خطوة .. و أنت الروح الباحثة و أنت الروح السائلة.

في الحب يكمن الخلاص .. تلك نهاية الرواية إن أردت .. لكن هل تظن بأنك قد فهمت المعنى و أجبت السؤال .. ذلك ما تظن .. لكن لا تعتقد في صحته و عد إلى الحكمة التي بها صدر بهاء طاهر روايته لتدرك أنك ما عرفت إلا أن الجواب هو السؤال!

**
أعرف أنك إلى الرواية في شوق ..

إذا أردت شراءها فهي من مطبوعات دار الهلال ضمن سلسلة الروايات .. تجدها في فروعها المختلفة .. أو اشتريها من فرع دار الهلال بوسط البلد ( وسط القاهرة – التحرير ) أو مكتبة مدبولي في شارع طلعت حرب.

فقط أرجو منك شيئان عند القراءة ..

أولهما ..

أن تصبر في القراءة مع القسم الأول من الرواية ثم تنفتح لك الآفاق .. فإني دخلت الرواية بحكم مسبق لأحد الأصدقاء و الذي للأسف كان سلبيا ,, و كدت أن أدعها و أنا لم أعبر بعد قسمها الأول ..

و لكن استكملت القراءة .. و بمجرد أن انتهيت رفعت سماعة التليفون و اتصلت بصديقي و قلت له أنا أتصل بك لاعتذر لـ بهاء طاهر .. و أقول بأن نقطة النور من أجمل ما قرأت. و تعلمت شيئا جديدا فبالإضافة إلى عدم الحكم المسبق على شيء كذلك يجب أن نصبر على أي عمل حتى ينتهي و لا نصدر الحكم و هو لا يزال بين أيدينا في أشواطه الأولى.

ثانيهما ..

أن تعود للحكمة التي صدّر بها بهاء طاهر روايته بعد انتهائك من القراءة .. اقرأها بتمعن.


***

انتهيت من الرواية و أنا أردد أغنية كاتيا ميلوا الجميلة .. شكرا أيتها النجوم.

Thank you stars, Katie melua.

و ردد قلبي كلمات أخرى مؤداها .. شكرا بهاء طاهر .. شكرا لكِ ( نقطة النور ).

http://hurria.maktoobblog.com/342775/...

السائرون نياماَ .. سعد مكاوي



من الجملة الاولي تلج ذلك العالم و لا سبيل للفرار حتى بعد ان تنتهي من سطرها الأخير و لا زالت الحكايه الحاملة نصف ابتسامة ، نصف انتصار و .. نصف فزع

ثلاثون عاما و جيلان و عصر المماليك منذ بلباي و حتى طومان باي في سرد مدهش و لغة رائقة مبدعة تدل على ثقافة تاريخية رائعة و بحث مضني في التعبيرات و التركيبات اللغويه و مفردات أهل ذلك العصر.

تقفز للذاكرة رواية الزيني بركات التي كتبها باقتدار جمال الغيطني بلغة سرد متفردة .. لكن الحكاية هنا مع سعد مكاوي و السائرون نياما أكثر دفئا باقترابها من مشاعر بسطاء الناس و عوامهم .. هم على هامش الأحداث المتتالية بسرعة مدهشة لكن مشاعرهم الجميله التي كفرتها سنون العيش المضنيه و رقائقهم المغلفه بكد الأيام و عرق الجد و طين الأرض تظل هناك حاضرة تخطف روحك و اشفاق فؤادك بل و بسمته أحيانا مع لحظات الفرح المسروقه .. في نظرة ست الكل لبعلها في ثلثائها .. و عودة يوسف بجرحه الطولي من أثر الكرباج المملوكي و هو يدرك بأنه سيجد كل اهتمام من غاليته !! 

هي قصة الماضي و الحاضر .. حكاية الظالم و المظلوم و خطوط النهاية المحتومه "و لا بد من يوم معلوم تترد فيه المظالم .."

في موقع GoodReads :

الوطن و الاغتراب






في الذكرى البعيدة وفي الاغتراب الأول عن الوطن، كان خيال الصبا يرسم مكان البيت ومجرى النيل ومسار السيارات المستمر يفصل بينهما .. وحين حانت لحظة الالتقاء بالبيت والنيل لم يخذل المشهد ذلك الخيال أبدا ..
كانت الإطلالة كما كان التمني وكان الشوق كبيراً لمكان الميلاد و لذلك النيل الذي شهد مغامراتنا الصغيرة بصحبة أسماكه الصغيرة والعودة ببعضها للبيت أو التجوال بقارب على صفحته الزرقاء أو شواء الذرة بصحبة الحديث عن جنية النيل الجميلة صاحبة الذيل السمكي والشعر الليلي الطويل .
تباعدت الأيام و أطلت الغربة ثانية وتجدد الحنين .. وحين حانت العودة ! خذل المشهد هذه المرة الخيال .. اختفى النيل خلف تل من بيوتات بٌنيت على حين ثورة!! و ما تبقى أحيط بسياج يمنع الاقتراب .. فلم تعد هناك للأسماك صحبة و لا للمركب تجوال ولا لأحاديث الذرة مكان يليق بل واختفت الجنية .
تلك كانت بداية تليق بالمكان و أهله المحبوبين!
لن نستعيد وطننا حقا إلا إلا إذا قدرنا جماله المكنون وعملنا على إظهاره للدنيا كما يليق
ربما يكون الانشغال ببناء الوطن واستعادة انسانيتنا و ترميم أخلاقنا أفضل كثيرا من تلك النقاشات التي تملأ فضاءنا دون ان تكون بحق ذات أثر مباشر في حياة الناس .. ولنكّد من أجل وطن نتغنى بحبه ليل نهار دون أن يكون لذلك الحب صدى في واقع صعب يحتل صدارة المشهد فيه عوز الناس وقلة حيلتهم في المعاش .
في الحديث الشريف (من بات آمنا في سربه، معافى في بدنه ، عنده قوت يومه ، فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها) عند هذه اللحظة تكتمل إنسانية الإنسان ويتفرغ للإبداع والابتكار والبذل بلا حسبان .. وهنا محك الاختبار وهو التحدي الرئيسي لمن تحمل الامانة .. ( .. لما لم تمهد لها الطريق يا عمر ..!!)
جمال مصر في ناسها الطيبين الودودين وفي أهلها الذين يحبونها بإجلال المحبين .. قاموا بثورة حين عم الشعور بأن هناك من يسرقها منهم .. وانتظر العالم بناة الأهرام وهم يعيدون بناء وطنهم الساحر .. الكل ينتظر بناء رائعا .. أرجو ألا نخذلهم .. وألا نخذل أنفسنا ولا الوطن .. ولن يكون هناك خذلان بإذن الله .
عبدالعظيم - برلين - أكتوبر ٢٠١٢
المصدر: موقع بلدي مصر

تعليقات الموقع: بلدي مصر

4

القاهرة

بواسطة: إبراهيم التركاوي
الحمد لله .. فاح العبير وعمّ الشذا : جُلتُ وحدي في بستان أدبك , فشممت من رياحينه , وجنيت من ثماره ( أقصوصة وشعرا ونثرا ) , وودت لو فاح عبيره , وعمّ شذاه يوما, لكان أحب إليّ من الدنيا وما فيها..! وتذكرت مقولة أمير المؤمنين ( عمر ) لابنه ( عبد الله ) - وقد وقع في نفسه إجابة سؤال لرسول الله – صلي الله عليه وسلم – لم يمنعه من التلفظ بها إلا حياؤه من التقدم علي كبار الصحابة - : ( لئن كنت أجبت كان أحب إليّ من حمر النعم ) ... اكتب دائما , وروح القدس يؤيدك , والله معك ..
3

عاطفة حب وإخاء

بواسطة: محمد جلال لاشين
أهاج مقالك أخي د.عبد العظيم في نفسي عاطفة حب وإخاء ، فسجلتها في أبيات كيفما اتفق ولا أدرى منزلتها من صناعة الشعر : أُهديكَ يا صاحِ تحيةً . بالودِّ تسمو زاكيهْ ♥ بين الأنامِ أبثُّها . كضوءِ الصبحِ باهيهْ ♥ كريمُ الأصلِ قد بدتْ . منه الفروعُ زاهيهْ ♥ دقاتُ قلبي لم تزلْ . بالشوقِ تهتفُ راجيهْ ♥ يا ربِّ سلِّمْ ذا الفتى . في دار غُربٍ نائيهْ ♥ بباب حصنٍ قد أَوَىَ . يبغيكَ ربِّي حامِيَهْ
2

في حب الوالد ..

بواسطة: عبدالعظيم إبراهيم التركاوي - برلين (ألمانيا)
جزاك الله خيرا يا والدي الحبيب على الكلمات البديعة .. ما كان هو بعض صنيعتك و منك دائما يكون التعلم .. و لعل الفتى يوما يستطيع ملامسة سماء قلمك الرفيع .. فيعبر عن بعض ما تجيش به نفس غر صغير أمام والد كانت معارفه و مكتبته هي الزاد في الترحال الطويل لعائلتنا الحبيية ... أما تقديري ففوق كل بيان وأكبر من بعض كلمات العرفان .. وهذا أمر بيننا !! تتناقله قلوبنا بدون الحاجة لبحث في قاموس المفردات .. و قد يأتي وقت قريب نجد في ذلك القاموس بعض كلمات تعبر عن ذلك و لو بالقليل .
1

شكرا جزيلا أخي محمد

بواسطة: عبد العظيم إبراهيم التركاوي - ألمانيا
يااااه يا اخوي الأستاذ محمد .. أجادت قريحتك لأخيك بهذه الأبيات ، جميلة الكلمات رقيقة المشاعر ؟! .. لقد لمست يا أخي في القلب أوتارا فاض لحنها الشجي على العينين ، و تردد صداها في الروح ؛ هي عندي من عيون الشعر ، وهي من اليوم معلقتي الأثيرة ( لَكِ يا مَنازِلُ في القُلوبِ مَنازِلُ .. ) .. الشكر الجزيل لك أخي الحبيب .. حقق الله أمانيك ورزقك من يالغ فضله وجميل كرمه وجمعنا وإياك (..إِخْوَاناً عَلَىَ سُرُرٍ مّتَقَابِلِينَ ) .


The Bourne Ultimatum 2007 إنذار بورن الأخير


 http://www.imdb.com/title/tt0440963/   الرابط على imdb 
http://www.elcinema.com/work/wk2002899/  الرابط علي  elcinema

المشهد الأول يبدو عبثياً للغاية ..
صحفي مشهور في الجارديان هو Simon Ross يتم قنصه في زحام محطة لندن و التوقيع CIA .. لكن مع الوقت تتكشف الأوراق مع تتابع قصة الوردة السوداء Black briar أو شوكها البري .. لا فرق هناك! .. لا مزيد من الخطوط الحمراء .. مرحبا بكم في قسم مكافحة الإرهاب و باسمه أنتم جميعا أهداف مشروعة محتملة .. إنها -مرة أخرى- إحدى الملفات القذرة تماما في الصندوق الأسود و الشفرة ..  لأجل رفاهكم نقتلكم! .. هذه سلسلة أخرى حيث النهاية لا تبدو قريبة تماما ..و بورن يطلق إنذاره .. الأخير!

لا يخلو الأمر من عملية تجميل .. الفتاة التي تحمل جمال الوجه و القيم الأمريكية الراسخة منذ مئتي عام فقط لا غير - تنقذ الموقف برمته!! .. لقد كان مجرد شخص فاسد آخر أما نظامنا فلا زال هناك راسخا .. و ليرحم الله من قتلنا أو فليذهبوا للجحيم لا فرق هناك!

البداية مع قاتل محترف كل ما يعرفه أنه آلة مصممة للقتل .. لأجل الوطن و مواطنيه الشرفاء الذين سنقتل بعضهم .. لا بأس! اسمه Jason Bourne أو هكذا أُريد له أن يكون! غسيل مخ متقن و محو ذاكرة مثل شريحة الذاكرة الاليكترونية .. لعبة بارعة فعلا لا ثغرات .. نظافة مدهشة تعلو السطح الصدئ!  ثلاث سنوات فقط يستغرقه الأمر لعملية استعادة Recovery لإسدال الستار مؤقتا!!

دور بارع لـ  Matt Damon بعينيه التائهتين و ماضيه المبهم و المتأرجح في ذاكرته الضبابية .. الإيقاع سريع بإدهاش و مشاهد القتال الفردي تبدو مقنعة تماما و ساحرة .. هذا هو أ.ن كما أحبه مكتوباً بقلم المبدع نبيل فاروق .. بإخراج رائق من Paul Greengrass .. لا عجب إذن أن يرشح الفيلم لجوائز الأوسكار لينال حفنة منها.

http://www.imdb.com/list/4eb9LxIeNFI/


الأحد، 30 ديسمبر 2012

(1957) 12 Angry Men اثنا عشر رجلا غاضبا

الفيلم على imdb

أفلام الحافظة الزرقاء.. اثنا عشر رجلا غاضبا


Jan 27 2011
آخر تحديث 13:46:30
"12 رجلا غاضبا" مسرحية كتبها ريجنالد روز.. ولها شعبية كبيرة عند شباب المسرحيين
"12 رجلا غاضبا" مسرحية كتبها ريجنالد روز.. ولها شعبية كبيرة عند شباب المسرحيين
لست ناقدًا سينمائيًا؛ لكني أعرف جيدًا تلك الأفلام التي هزّتني أو أبكتني أو أضحكتني أو جعلتني أفكّر طويلاً... أعرفها وأحتفظ بها جميعًا في الحافظة الزرقاء العتيقة التي تمزّقت أطرافها، وسوف أدعوك لتشاهدها معي لكنها أثمن من أن أقرضها! معظم هذه الأفلام قديم مجهول أو لا يُعرض الآن، لكنها تجارب ساحرة يكره المرء ألا يعرفها من يحب. 

هناك نسختان من هذا الفيلم الرائع: نسخة عام 1957 ونسخة عام 1997. لم أر النسخة الأخيرة وإن كنت أميل إلى أنها جيدة بدورها؛ لأن مخرجها هو ويليام فريدكين صاحب (طارد الأرواح الشريرة)، وهو لن يضع اسمه على أي عمل غير متقن.

النسخة الأولى رأيتها في برنامج نادي السينما منذ أعوام طويلة، وقد انبهرت بقدرة المخرج على أن يصنع فيلما شائقا مثيرا، بينما هو حبيس مكان واحد خانق حار. فيما بعد رأيت فيلما يدور في ذات الجو الخانق هو "يرث الرياح" أو "ميراث الرياح" لستانلي كرامر، الذي يدور في قاعة محاكمة في الجنوب الأمريكي في يوم رطب شديد القيظ. كلا العملين الرائعين أخذ عن مسرحية.. لكن براعة المخرج تجعلك تنسى هذا تماما.

مسرحية "12 رجلا غاضبا" مسرحية تليفزيونية كتبها ريجنالد روز، ولها شعبية كبيرة عند شباب المسرحيين، وقد تلقّيت مؤخرا دعوة لحضور عرض مسرحي لها في المنصورة من إعداد صديقي أحمد صبري غباشي، لكن لم أتمكّن من الحضور، واكتفيت بأن اقترحت عليه أن يقدّم مسرحية "يرث الرياح" كذلك.

كما قلنا في الأسبوع الماضي، أخرج الفيلم سيدني لوميت الذي قابلناه مع فيلم "بعد ظهر يوم حار".

البطل الحقيقي للفيلم هو الحوار، وهو طاقم الممثلين الممتاز وعلى قمتهم هنري فوندا. إن الفيلم مباراة أداء رائعة بين أسماء عالية الاحترافية؛ مثل هنري فوندا ومارتين بالسام ولي جي كوب وجاك كلوجمان. الطريف أن الاثني عشر رجلا غاضبا ماتوا جميعا في عالم الواقع باستثناء كلوجمان.

لا تعتمد مصر في المحاكمات على نظام المحلّفين، لكنه النظام المطبّق في الولايات المتحدة. هنا يتم اختيار 12 مواطنا حسن السمعة (بموافقة الادّعاء والدفاع معا) ويكون على هؤلاء المحلّفين أن ينعزلوا تماما عن قراءة الصحف وسماع الأخبار حتى لا يتأثر قرارهم. فقط يتابعون المحاكمة، وفي النهاية يجتمعون ليصلوا لقرار واحد.. هل المتهم مذنب أم لا.. لو اتضح أن المتهم مذنب يكون على القاضي اختيار العقوبة.

هذا بالضبط هو الموقف الذي يدور حوله الفيلم.. المحلفون مجتمعون في غرفتهم يحاولون الوصول لقرار.. هل الفتى المتهم قد قتل أباه أم لا؟ سوف ينتج عن هذا القرار حكم بالإعدام. ونحن لا نعرف أسماء المحلفين ولا اسم الفتى المتهم طيلة الفيلم، فقط نعرف اسمين في نهاية الفيلم؛ فالموقف أكثر عمومية من التقيد بأسماء.

المشكلة هنا هي أنه لا يوجد إجماع.. أحد عشر صوتا يدين الفتى بينما هنري فوندا -المحلّف رقم 8- يصر على أنه بريء.. إنه يشك في شهادة الشهود الذين قالوا إن المدية المستعملة في الجريمة نادرة الطراز، ويرى الكثير من النقاط المبهمة في الشهادات.

يعاد التصويت مع انسحاب هنري فوندا منه، فيتبين أن محلفا آخر انضمّ لرأيه.

هكذا تهتزّ الأرض نوعا تحت أقدام المحلفين الواثقين من قرارهم.. محلف ثالث بدأ يرى أن المتهم غير مذنب..

هناك جدل حول امرأة من الشهود تبدو علامات النظارة على أنفها، وبرغم هذا لم تكن تضع النظارة وقت الحادث.. فكيف رأت ما حدث بوضوح؟

إننا نعرف أكثر فأكثر شخصيات الجالسين.. منهم من يصرّ بعناد وغرور على رأيه، ومنهم من يلين؛ لأنه يتعاطف مع الفتى لأسباب شخصية، أو لأنه نشأ في الأزقة مثله. ومع الوقت يتزايد عدد من يرون أن الفتى غير مذنب. اللعبة هنا هي كيف يتم هذا، وكيف يتناقص عدد من يرون أن الفتى مذنب. مع الوقت يدرك الجالسون أنهم يأخذون الأمر بخفّة أكثر من اللازم مع أنه يتعلق بحياة شاب.. شاب لم يرتكب الجريمة على الأرجح.


مع الوقت لا يبقى سوى 3 ممن يصرّون على رأيهم. وندرك أن هناك أسبابا تتعلق بشخصية ونفسية كل منهم، مثلا من خاض منهم صراعا مع ابنه يحمل حقدا خفيا نحو الفتى المتهم بقتل أبيه؛ لأنه يرى نفسه في صورة هذا الأب. نحن نعرف أن الزوجة التي أساء زوجها معاملتها مثلا يسهل أن تدين أي زوج قتل زوجته، أو تبرئ أية زوجة فعلت العكس.

يزداد عدد المؤيدين لبراءة الفتى، وفي النهاية تنقلب الصورة تماما ويخرج القرار: الفتى ليس مذنبا.

تبدو الحبكة بسيطة.. لكن اللعبة الحقيقية الصعبة هي الطريقة التي تتغير بها الآراء، والصراع الذهني المستمر.. وإن كنت شخصيا أرى بعض التعسف أو الافتعال في بعض المواقف.. الناس لا تغير آراءها بهذه السهولة في الواقع..

أنتج الفيلم هنري فوندا نفسه، وهي تجربته الوحيدة مع الإنتاج السينمائي على كل حال. المصوّر كاوفمان استخدم تقنيات متقدمة وعدسات خاصة؛ ليوحي بالجو المغلق الخانق والعرق على الوجوه. سبقت التصوير بروفات مرهقة وطويلة جدا في ذات المكان، لهذا لم يستغرق التصوير نفسه وقتا طويلا.

يظهر الفيلم دائما في أية قائمة لأفضل الأفلام في التاريخ. وهو الأفضل في قائمة أفلام قاعة المحاكمة. لم يحقق الفيلم نجاحا تجاريا وإن فاز بانبهار النقاد.. كما أن عرضه في نفس العام مع "جسر على نهر كواي" تحفة ديفيد لين أدى إلى حرمانه من جوائز أوسكار كان يستحقها بشدة. وكان عليه أن ينتظر طويلا حتى يدرك الجمهور أي فيلم رائع هو.

كان هذا فيلما آخر من أفلام الحافظة الزرقاء،،،

المصدر:
http://boswtol.com/art-and-entertainment/films-and-tv/11/january/27/26804

الثلاثاء، 18 ديسمبر 2012

البِشارة الأخيرة للشيخ «عماد عفت».. (ملف خاص)


تقرير بديع عن الشيخ الجليل .. حين يتجسد الجمال بحزنه النبيل  : فتفتَّتَتْ رُوحه لتُنِير قلوب الناس.
"
 الشيخ الذي خَلَعَ جلبابه وعِمامته كي يتواجد وسط الناس بصفته الشخصية.. كان مِثلهم، يُكسّر الطوب، ويَدُق على المَعْدَن، يقف بصدره في الصفوف الأولى ليَرُدّ القوم المعتدين، ويُدافع عن الميدان «كأنَّه الوطن، كأنَّه بَيت الله» مثلما قال

في كُلّ مَوضع وكل صلاة كانت الشهادة نِعمة مَرْجُوَّة، كُتِبَت في قَلبه، وعَاشَ بها، وابتسم حين رآها، فتفتَّتَتْ رُوحه لتُنِير قلوب الناس.

والشَّيخ «عماد» ظلَّ هُنا، صُورته رُشداً للناسِ على جُدران المَدينة، وسيرته التي لم تحمل إلا حسناً تُفْرح ألسنتهم، عِلْمه الواسَع يَتنقل بينهم وينتفعون به، وعَلَمَه المَرسوم يُشاركهم في كُل مَسيرة وخَطوة، رُوحه الطيبة بقَت جانبهم.. مُعلَّقَة بالثورة وأهلها، وسَتَشْفَع لهم حين يَقولون يوماً «نَحن أمّة عماد عفت»، فيَكْتَمِل البِشْر.. له وبه.


البِشارة الأخيرة للشيخ «عماد عفت».. (ملف خاص)

http://www.almasryalyoum.com/node/1318221

السبت، 17 نوفمبر 2012

إطلالة نوفمبر و مسائل أخرى








أطل شهر نوفمبر إطلالته المعهودة .. و الفجر يشق أنفاسه بصعوبة .. مسألة تبيًن الخط الأبيض من نظيره الأسود تصبح هنا مسألة ميكروسكوبية حقا، لذا نترك تبينها لعلماء الفلك .. فقط نصحو على إيقاع ساعة التنبيه التي تعلن عن الوقت معوضة غياب الديك الذي كان حتما سيعلن عن طلوع الفجر مع حلول موعد المساء٬ ليس لأن الشمس قد وجدت طريقها أخيرا للأفق المنظور و لكن يأسا بعد أن ظلت حنجرته حبيسة لساعات طويله ، فحتى الديوك تدرك حقا أن ساعات الليل محدودة ، فضلا عن أن صاحبنا يريد إثبات ديكيته المزهو بها فلا يكون هناك مجال لأن تظن به دجاجاته الظنون٬ (لا أدري كيف كان لبلال بن رباح أن يتبين الخيطان في هذه الأجواء البرلينية .. أتصور أن عبقريا ما كان سيجد حلا كما وجد الأحفاد حلا لذلك حين طالت جولاتهم في البحر فكان ان اخترعوا الاسطرلاب).

بالطبع الشمس لا تغيب دائماً هنا، يحدث أحيانا أن تطل إطلالة خجولة (الكلمة هنا للتهذيب ليس إلا .. تبدوأكثر تأدبا من كلمة زائفة و هذه تفاصيل يعير لها قاموس الوجود الإنساني أهمية بالغة) يظهر شعاع بالغ الرقة لكن لا بأس فلا زال يعد ببعض الدفء الشحيح في سوق هذه الأيام .. تُتابع الشعاع باستماته لعلك تحصل على بعض الدفء الموعود لكن ما تلبث خيبة الأمل التي تعتلي أعلى سنام الجمل كما يقول المثل المصري العتيق أن ترتد بابتسامة تشَفي كبيرة كاشفة عن أسنانها الصفراء و ابتسامة التشفي دائماً تكشف عن أسنان صفراء هذه قاعدة مشهورة تتوارثها الجينات البشرية مع أشياء أخرى هي أشياء صغيرة ٬ تبدو أحيانا عابرة لكنها عند أولئك الذين لايزالون يتدثرون بتلك القشرة البشرية تعني الكثير .. القدماء يُعبٍرون عن ذلك أيضاً بخفي حنين .. يبدو التعبير رائقا للغاية ترتد الخيبة هذه المرة في شكل حذاء سيفتح مقدمته في وجهك متمنيا لو أنه في عالم الأحذية ألسنه ليخرجه لك معوضا به غياب الأسنان .. البشر لم يبتكروا بعد شيئا مثل ذلك رغم ابتكارهم أشياء أقل أهمية٬ هذه وجهة نظر حذاء ليس إلا .. ليس أكيدا تماماً إن كان لون الحذاء سيكون أصفرا كذلك٬ لكن المؤكد أن رائحته ليست أبدا بالشيء المحبب و هذا كما ترى يبدو تعويضا مرضيا تماماً عن غياب تلك الابتسامة الصفراء.

باختصار هي شمس تبدو بالفعل مزيفة ليس من ذلك النوع من التزييف الذي احترفه بعض البشر بعد قضائهم بعض الوقت في هذا العالم٬ فهذه الأشياء لا تجود به الجينات و انما يكتسبها البشر باستعداد مدهش ..
حتى الأشجار تبدو غير قادرة علي التأقلم مع هذه الأجواء المكفهرة فلا تحتمل التزيف و لا التجمل و هي تشاهد من عليائها الكائنات الأخرى تعاني الأمَرّين ٬ تنظر الشجرة لقبيلة من النمل المتقوقع عند ساقها فتتساقط أوراقها زُرافا ..
بعض التفسير لتساقط الأوراق تجود به اليرقات المتنعمة بدفء شرانقها٬ ترى إحداها أن الشجرة تحنو على تلك الكائنات المرتجفة هناك على الأرض الباردة .. ترد أخرى بكلمات سمعتها من الأجداد بأنها حركة احتجاج موسمية على غياب الشمس دأبت عليها الأشجار منذ قديم الأزل٬ هذه مجرد تنظيرات من يرقات غرة منعمة في ظل الشرانق هكذا يعلق بعض العالمون ببواطن الأمور ..

مشكلتي الشخصية (ولنا الحق أحيانا في بعض التفكير الشخصي .. هذه طبيعة بشرية لا يقدّرها الكثيرون) هي في الشعر٬ ذلك الأشعث الذي يتمايل مع الهواء حينا لكن ما إن يرى أوراق الخريف متناثرة على أمنا الآرض حتى تأخذه لحظة التعاطف المشهودة (مشاعر التعاطف مقدرة تماما لكنها هنا تبدو غير مناسبة بتاتا .. شعر الإنسان مهم في أحيان كثيرة أقلها حماية من ذلك البرد القارص و لا يخلو الأمر من إطلالة على غيداء تمر قريبا من هنا) .. أحاول تغطية ذلك السيد متعاطف بطاقية صوفية لكن ما إن تسترق بعض شعيرات الفودين المتناثرة من تحت الغطاء الصوفي النظر إلى الوريقات الصفراء المفترشة الأرض كبساط سحري حتى تدركها لحظة التعاطف فيكسوها ذلك اللون الرمادي!! بالطبع الشعرات لا تَصفرّ عند التعاطف فهي لا تملك ترف ذلك اللون (هذه طبائع الأشياء التي يؤكدها وجود الكاروتين كما يفرضها الكلوروفيل في الأشجار) .. الحق أن المرء تدركه أحيانا لحظات فخر بلحظات التعاطف تلك .. لا زال هناك ما يؤكد أن الطبيعة لا زالت بخير حتى حين يخذلها بعض البشر.
المشكلة الأكبر هي في هاتين الأذنين اللتين تتصلبان بإصرار مدهش و كأنهما قطعتا حجر ثلجي٬ لتشعر بأنهما سيقعان مع أول لمسة من حالق.. طبعا لا يجب أن أسهب في الحديث عن الأنف فاحمراره الشديد فضلا عن ذلك المنديل الذي لا يفارق اليدين و كأن أم كلثوم تستعد للصعود إلى المسرح و لكن هذه المرة مزكومة الأنفين لا أدري كيف ستكون مخارج الحروف و هي تغني (لسه فاكر قلبي يديلك أمان ..) مؤكد أن الأمان سيزول من المسرح بعد أول موال!

اليوم هنا يبدأ كالتالي .. خروج مبكر من دفء الفراش (هناك أشياء لا بد منها في هذه الحياة منها أن تستيقظ مبكرا حاملا مسبحة الاستغفار و فنجان القهوة و كسرة خبز) .. فالعمل ينتظر و هو ضرورة للوجود و للحصول أيضا على كسرة الخبز تلك .. إطلالة مبكرة من النافذة ..السماء رمادية و الشمس ليست هناك!! يوم سعد حين تطل طلتها الخجولة تلك من على قمم الأشجار التي لا زالت متمسكة باحتجاجها فتظل بلا كساء! الديك بالطبع لا تبدوالأجواء تلك ملائمة لمعيشته و تشاركه العصافير الحيرة فلا يتردد صدى لحن زقزقة واحدة في الأفق!
لكن نظرة إلى ذلك الرداء الأبيض الممتد باتساع الأفق يعطي إحساسا بالجمال متفرد .. و كما قيل (كل الحوادثِ مبدأُها من النظرِ..) لكن هيهات فـ (معظم النار من مستصغر الشررِ) ..يكفي النزول و الغوص في تلال الثلج ثم الانزلاق على جليده يتبعه التواء في الكاحل لتدرك أنه (قد ضر مهجته ما سر مقلتهً .. لا مرحبا بسرورٍ عاد بالضررِ) ..
مدهشون هؤلاء البشر٬ لا يفوتون لحظة للتعلم أبدا !! يبسطون ردائهم الأبيض فما إن تقول في نفسك لا ضير من أن نلج عالمهم و أن يلجوا عالمنا حتى يدركك الانزلاق الأول .. لا يتعلم المرء سريعا هنا .. لا بد من انزلاقات عديدة أو انزلاقة كبرى يطير معها البطين الأيسر حتى يدرك المرء أن هناك ما يستحق التعلم .. هذه أشياء يرددها العجائز و هم يتلمسون طريقهم بمساعدة العصا المعقوفة .. الأجيال تتناقل ذات الكلمات لكن هناك تآمر كوني بأنه لا بد لكل بشري أن يجد طريقه بنفسه و أن ينزلق! هذا من دروس المناعة الأولية التي تتلقاها أرواحنا في شبوبها الأول.

و لكن مهلا الأمر ليس كله هكذا .. لا يخلو الأمر من بعض لحظات دافئة حينما تقودك قدماك المرتجفتان بردا إلى مكان دافئ لتتناول كوبا من الشاي أو مشروب الزنجبيل .. هذه البلاد لا تعرف السحلب لا أدري كيف لم يأخذوه عنا كما أخذوا أشياء أخرى كثيرة .. يالشتاء القاهرة الدافئ بصحبة كوب سحلب بالمكسرات و كثير من الحليب .. يبدو أنهم هنا يعوضون غيابه بأشياء أخرى .. لكن ما إن تستريح حتى تعود للنَصَبِ .. يعمل البرد فعلته في إحراق السعرات الحرارية لتجد المشروبات سريعا طريقها لمتنفسها الطبيعي بعد أن أخذ الجسد كفايته .. تضطر لحبس رغبة جسدك في التحرر مدركا بأن دقيقة تأخير إضافية ستصنع فارقا مدهشا بين التبلل و البلل فما إن تصل لحظة فك الحزام و إفراغ لؤلؤتيك حتى تدركك لحظة الراحة الكبرى و ذلك الشعور الملكي الطاغي بالسعادة تتذكر هارون الرشيد ذلك الملك الذي ملأت سيرته حكايات الف ليلة و ليلة حين عاد عطشا قيل له كم تدفع من أجل شربة الماء .. أقرّ الرجل بأن نصف ملكه فقط يبدو سعرا عادلا تماما.. و ماذا لو لم تستطع التبول .. (هؤلاء القوم كانوا يستخدمون لغة صريحة تماما .. احتجت عدة كلمات لوصف التبول بينما تذكرها كتب الأقدمين هكذا ببساطة يبدو أن فن التورية لم يكن قد وجد طريقه بعد لكتب الأدب فهو لم يظهر إلا في عصور الانحطاط كما تعلمنا من دراسة الأدب أظن التشدد كان كذلك أيضا) .. لقد وجد الرشيد أن نصف ملكه الثاني مقابل معقول للغاية حتى يستطيع التبول.
بالطبع هذه من اللحظات التي يعبر فيها المرء عن سعادته بالغناء الكل يفعلها خلف باب الحمام و يشدو بصوته الشجي .. (هذا من وجهة نظره الخاصة طبعا).. يحتاج البشر لكثير من المجهود حتى يقتنعوا بأنهم لا يستطيعون الغناء هذا أيضاً من دروسِ جينات الغرور الإنساني٬ هي محطة لا بد للجميع من الوقوف عندها و لو للحظات قصيرة لكن قليلون هم من يدركون بذكاء فطرتهم أنهم لا يجب أن يلبثوا هناك طويلا فلا بد ان تكون محطة عابرة و سريعة أيضاً.

يهبط الليل سريعاً هنا .. الدلالة الوحيدة هي ظهور تلك الدائرة القمرية و لكن يتردد هنا صدى أبيات الرافعي: إن الظلام الذي يجلوكَ يا قمرٌ .. له صباح متى تدركه أخفاكَا .. ٬و في انتظار تبيان الخيط الأبيض من الأسودِ .. تسترجع الكلمات صداها .. لسوف يأتي يومٌ فيهِ ننساكا.

عبدالعظيم
برلين/نوفمبر ٢٠١٢

الخميس، 16 أغسطس 2012

"بين الحبة و القبة "فصل أول

مشهد افتتاحي:

"يعمل من الحبة قبة"  ذلك مثل ابتكره المصريون بعبقريتهم المشهودة و هم أكثر من يطبقونه فى حياتهم بنفس الصورة .. و المعنى أن الأشياء تبدو كبيرة كهرم، ثقيلة كمجن و هي فى حقيقتها المفككة أقل كثيرا مما تصورنا.

المصريون مولعون بالمبالغات حتى فى نمط حديثنا (أنا من أولئك القوم .. لازال الأصدقاء يتعجبون من ذلك المصري صاحب الضحكة العالية و الكلمات المنبهرة تحفة و هايل و رائع و واو .. و هلم جرا .. لكن الأمر ليس حسنا دائما .. فقط هو ضروري لإثبات مصريتك أو هو  إجباري من تلك الجينات المصرية).

 إن فاز فريق كرة فالفراعنة قادمون و إن أخطأ أحدهم فى عدد سنوات مسيرتنا الحضارية قائلا بأنها لا تعدو 5 الاف عام .. انبرينا له بل هي  7 الاف و ربما أكثر ..  نطبق المثل المصري العبقري "ادعي على ابني و أكره اللي يقول امين" .. ننتقد الوطن و البشر و الحجر فإن جاء غير مصري ادلى بدلو شماتة أو انتقاد لاذع كان الرد دفاعا مستميتاً حتى عن أخطاءنا و نردد مع صلاح جاهين:

على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء
أنا مصر عندي أحب و أجمل الأشياء
بحبها و هي مالكة الدنيا شرق و غرب
بحبها و هي مرمية جريحة حرب
أحبها بعنف و رقة و على استحياء
و اشتمها و ألعن أبوها بعشق زي الداء
 (رابط القصيدة كاملة هنا)

ليس هناك من شعب يذوب عشقا فى وطنه كما المصريون .. يحبونها على أي حال حتى و إن علاها التراب و علا مشاعرهم صدأ الحرمان .. و لكننا نحبها أكبر حين يتجلى فيها معاني الإباء .. تلك بداية

مشهد أول:

ثارت المخاوف و انتشرت أقاويل القوم عن المجلس العسكري و قوته و هل من سبيل للتخلص منه لنستكمل المسيرة .. بدا الأمر جبلا شاهقا بحق .. لكن مرسي فعلها بقفاز ناعم رقيق و مر الأمر كأنه حلم سريع لم نصدقه حتى اللحظة..
كان الصباح التالي أجمل إشراقات أيام مصر .. يوم بدون عسكر فى الحكم لأول مرة منذ انقلبوا على مليكهم



 كان خروجا  سلسلا للعسكر  لم يثيروا قلاقل و لم يحدث الانقلاب الذي تسابق الجمع فى تحديد موعده (حتى أن شباب الإخوان و الثوار تدافعوا فى حركة محمودة للميادين دفاعا عن قرارات الرئيس) .. و لا أعرف هل كان تقبُل الأمر من قِبل الجنرالات بهذه السلاسة هو نتيجة صفقة الخروج الآمن كما روج البعض أو لأن هناك ملفات سوداء تتعلق بالفساد و صفقات السلاح تجعلهم فى موقف لايحسدون عليه (يقال بأن مدير المخابرات المقال مراد موافي سربها للرئيس) أو أنها الفروسية المصرية المعتادة (ربما نكون أشراراً بعض الشيء ..  لكننا لسنا مجرمين)
أيا يكن الأمر .. كان الإخراج أنيقا للغاية : إحالة للتقاعد و ميدالية من الذهب المطعم بالياقوت و كلمة قوية لكن برقة من الرئيس فى احتفال ليلة القدر  (ما اتخذته من قرارات ليست موجهة ضد مؤسسة أو أفراد و لا تقييد حرية من خلقهم الله أحرارا و إنما لمصلحة الوطن)  يا لأناقة الكلمات !


كلمة الرئيس مرسي فى ليلة القدر


يذهب الجنرالان ليقابلا رئيسهما و يحصلا على ميداليتهما يلتقطان الصور معه .. و هكذا يُسدل الستار (مشهد كلاسيكي من أفلام الفرسان)  الأمر يستحق التحية على الإخراج اللائق بحق.



فيديو مراسم منح قلادة النيل لطنطاوي وقلادة الجمهورية لعنان

تبقى هناك مسألة الحقوق .. هؤلاء تسببوا فى قتل ثوار طوال العام و النصف الفائت .. فلندع للساسة حساباتهم و لنا حساباتنا .. يجب أن نكافح حتى يلقى من أذنب أو تسبب فى قتل مصريين خطأً كان أو عمدا المحاكمة العادلة ليشفي الله صدور أمهات أُحرقت أكبادهم حزنا على مفقوديهم و ليكن مُثبتا فى تاريخنا الحاضر بأنه لا إفلات من العقاب .. إنها دروس أولية فى تثبيت مبدأ سيادة القانون (نتذكر كلمة الرسول الكريم حين تشفع كبار صحابته فى إمرأة من أشراف القوم سرقت: و الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها .. لا فرق بين وزير و غفير الكل أمام القانون سواء)

مشهد ثانٍ:

الدكتور مرسي الرجل الإخواني شديد التدين شديد الالتزام  (تنطلق المدافع: سيأخذ بلادنا لشاطىء اخر على مركب أصولي إخواني .. الدولة المدنية فى مهب الريح و الأصولية اجتاحت البرلمان و القصر) .. لكن هاهو الرجل فى منصبه رئيس مصري صميم .. لائق المنصب عليه تماما (هل تتخيل الآن أحدا مكانه بعد ما اتخذه من قرارات) .. المسافة تبدو واضحة  بين كونه رئيس منتخب و شيخ متدين و إخواني عتيق .. تقبلناه بسهولة لكن بعد معاناة (نتيجة شك مزمن و ماكينة إعلامية خربة) .. بذقنه الكثة قليلا و قامته الأقل طولا قليلا من سابقه (كان يخجلني منظر المخلوع و هو قصير القامة بجوار رؤوساء أمريكا مثلا .. ففى مصر عمالقة و لاعبي كرة سلة كُثر يصلحون للمنصب أكثر منه .. و أظن ذلك كان انعكاسا نفسيا للحالة المتردية و تقزيم الوطن التى وضعنا فيها ذلك الرجل)  .. لكن قامة مرسي اليوم  لا تبدو مشكلة إطلاقا و إنما ترى فيها ذلك الذكاء و الخبث اللطيف فى نظرات مرسلة  من تحت نظارة طبية كما ينبغي لأستاذ جامعة و مهندس شاطر (الشاطر هنا صفة و ليست إشارة لأي اسم) و رئيس حاذق أيضا.

رجل يلبس الجلباب الرمادي المخطط و يصلي الفجر حاضرا و يخطب فى الناس بلغة عربية رصينة و ثقافة دينية عريضة و بلا ورقة (مسألة تثير الفخر حقا بعد أن كانت الوريقات بخطها العريض و لغتها الركيكة تعبق أجواء أهل الحكم) .. رجل يمشط شعره على الجنب (مثل جل المصريين الذين يحاولون كثيرا إيجاد وضع مريح لشعرهم ثم يستقر الأمر على شعر قصير و مده بامتداد الرأس بالجنب .. ربما كان الحافز أيضا ذلك الخوف التاريخي من الصلع). انتفض الرجل غضبا  (قولا و فعلا) كما يليق برجل صعيدي لمن أخذوا غدرا فى رفح و كانت قراراته بلا مساومة و لا تردد ( السكين فى الزبدة يبدو مثلا غير كافٍ تماما هنا)

تبقى كلمات

لدينا رئيس تركزت بيت يديه سلطات يخاف منها أولو العزم و صادقي النوايا من البشر .. لذا وجب فتح الأعين واسعا جدا و الدفع بقوة و عدم الارتكان لثقتنا فى الرجل و تقواه (فالتجارب التاريخية تحكي الكثير عن عظماء أخذتهم السلطة المطلقة بعيدا فكانت المفسدة المطلقة و انتشر القول بأن السلطة هي ضرع اللذة الذي لا يُرجى منه فطام .. نريد فطاما سريعا رحمكم الله)

أمران:

المعتقلون واجب إطلاقهم بلا تأخير و لا إبطاء .. و الرجل يجتهد فى ذلك

أما الأمر الآخر: فهو الكفاح حتى يستقر نظامنا السياسي تماما فى هيكل مؤسسي نرضى عنه و نطمئن أن ماكينة الديمقراطية التى حلمنا بها حتى هرمنا وجدت طريقها فى دستور عادل و قصر مؤمن بمبادئها بلا مواربة و مجلس شعب يعبر عنها و يؤكدها و قضاء يتابع و يحميها .. ليغمض شعب عيونه قريرة بالذي كان و لتأتي أجيال تحصد جميل هذه الأيام العظيمة (الرئيس دعا فعلا لحوار وطني حول الصلاحيات التشريعية التى بين يديه).

علينا الحذر من المرجفين فى المدينة الذين تغلبهم مصالحهم الذاتية و أفقهم السياسي الضيق و انتمائهم للزمن الذي أدبر بلا عودة .. الذين لا يرون إنجازا و لا عملا حسنا فيما كان .. كل ما يرونه هو مصالحهم المبنية على فساد مضى يتوقون لعودته أو خصومة سياسية  تعميهم عن صالح عام و مستقبل وطن (الكلام هنا عن شخصيات مالية و إعلامية و إدارية يعلمها الجميع) .. لهم حق الكلام (ضريبة الديمقراطية) .. لكن لنا كل الحق فى تمييز الغث و رفضه (بالكلام أيضا و بالقانون و نشر الوعي).



عبدالعظيم التركاوي
برلين رمضان/أغسطس 2012

الاثنين، 23 يوليو 2012

في ذكرى 23 يوليو .. خواطر قديمة



في كل ذكرى لـ 23 يوليو .. أتذكر كلمات لأحمد عباس صالح كتبها في مذكراته "هل جاءت ثورة 23 يوليو لتحقيق حلمنا في الديمقراطية أم لإجهاض هذا الحلم" و الذي كان في طور مراحل متقدمة من التكوين ..


بقراءة التاريخ كنت دائما اميل للرأي الثاني .. بما أني من أولئك الذين يرون أن قيم الحرية و العدالة تعلو كل قيمة .. و لذا ربما كنت أحمل بعض التقدير لإنجازات الفترة الناصرية و التي كانت الخيارات الوطنية فيها واضحة .. إلا إن تأسيس حكم ديكتاتوري يقوم على القهر دمر أجيالا و أضاع كل إنجاز فيما بعد..

و كما قال الجواهري في ناصر "كان عظيم النصر و الأخطاءِ" ..

 و حتى حين كتب النجيب محفوظ روايته "أمام العرش" عاقدا محاكمة لكل من حكم مصر عبر تاريخها .. ليكون الحكم على ناصر بــأنه و رغم  أرتكابه أخطاء عظيمة ..ادخله مقام الخالدين بنوع من الرأفه أعتقد أن نجيب كان متأثرا فيها بكاريزمية ناصر و شعبيته الطاغية ..

 هذه الكاريزما التي جعلت شاعرا مدهشا كنزار قباني الذي كتب بعد النكسة عن "كلامنا المثقوب كالأحذية القديمة" ملمحا لخطابات ناصر الحماسية و عن إلقاء العدو في البحر  و كتب عن "إذا خسرنا الحرب فلا غرابة .. لأننا ندخلها بمنطق الطلبة و الربابة .. بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة.." .. يكتب قصيدة من أجمل ما يكون في الرثاء و هو يرى الجماهير بالملايين تبكي ناصر و تسير في جنازته "قتلناك يا اخر الأنبياء و ليس غريبا علينا قتل الأنبياء"  يا للشعر و أصحابه!!

ربما أفضل ما يمكن قراءته لفهم هذا الجيل و أفكاره و الذي تفاعل مع تلك الشعارات القومية ليرتفع لعنان السماء .. و تتكسر أجنحته بقسوة عند لحظة الاختبار في 67 و ما تلاها .. رواية "الحب في المنفى" للمبدع الرقيق الرائع بهاء طاهر .. هو من ذلك الجيل المأخوذ بالتجربة و ستأخذك متاهاته المرهقة حتى تُنهي سطر الرواية الأخير و عندها تثور أسئلة بلا انتهاء !!


حين أقرأ بأنه كان في مصر قبل 23 يوليو .. ملك يملك و لا يحكم ..  و رئيس وزراء مُنتخب و نظام سياسي يمتلك ناصية التطور .. فيجب أن يجتاحني شعور بأن هناك 60 عاما ضاعت من عمر الوطن في ظل استبداد و ظلم حتى الموعد القادم و الذي كان في 25 يناير بثورة شعبية حقيقية -لا انقلاب عسكري- و التي لا زالت في طريق تثبيت دعائمها لمحو  تحكم العسكر في مسار أمة منذ  60 عاما.


كانت ميزانيات القصر و الجيش معروفة للشعب و أوجه إنفاقها كذلك .. طلب الملك فاروق يوما مخصصات مالية لتركيب مصعد في القصر .. فرفض البرلمان قائلا بأن العائلة المالكة لديها ما يكفي من مخصصات مالية ..  و حين طلب الملك من وزير الداخلية تفريق المتظاهرين أمام قصره رفض الوزير "فؤاد سراج الدين" قائلا بأنهم يعبرون عن رأيهم حتى و لو كان حادا

أتذكر مقالا لصلاح منتصر بعد 55 عاما على 23 يوليو  ليكتب:
"

قبل ٥٥ سنة كانت معظم البنوك في مصر تملكها رؤوس أموال أجنبية، فيما عدا بنكي مصر والأهلي، وفي خلال مسيرة الثورة تم تمصير البنوك الأجنبية، وبعد ٥٥ سنة يعود الوضع إلي ما كان: البنوك أجنبية فيما عدا مصر والأهلي أيضا بعد بيع بنك القاهرة

من ٥٥ سنة كان تعداد مصر ١٨ مليونا وكانت ميزانية الدولة ٢٠٠ مليون جنيه، وكان الجنيه الواحد يشتري ٢٠٠ رغيف و٣٠٠ بيضة
وخمسة كيلو لحمة و٦٠ زجاجة لبن و٥٠ سلطانية زبادي وقدرة فول، ما أعظم التغيير الذي حققناه؟

صلاح منتصر ٢٣/٧/٢٠٠٧

"
و مقال اخر لجمال الشاعر في نفس المكان عن الطربوش و الثورة:
"


عندما ظهرت القبعات العسكرية التي يرتديها الضباط الأحرار تراجعت الطرابيش‏,‏ واختفت تدريجيا من الحياة المصرية‏,‏ وكأنما قد صدر قرار بإحالتها إلي الاستيداع‏.‏ هل كان زمن الطربوش أجمل؟‏!‏ روبير سولي مؤلف رواية الطربوش يري ذلك‏,‏ وهو الذي عايش الحياة المصرية فيما قبل الثورة
‏ولد في القاهرة وعاش في مصر‏17‏ سنة ثم عاد إلي فرنسا وأصبح فيما بعد رئيس تحرير جريدة اللوموند‏.‏ عندما تقرأ الرواية تحس أن مصر كانت مملكة كوزوموبوليانية عالمية مفتوحة علي كل الثقافات الفرنسية والإنجليزية واليونانية وخلافه‏,‏ وتجد فيها الأرمن والشوام واليهود وتلمس ازدهار الفنون والآداب والصحافة‏,‏ وترصد طموح المصريين في وثبة حضارية
كانت مصر ثاني دولة بها أوبرا بعد إيطاليا‏,‏ وأول دولة في العالم الثالث وفي إفريقيا بها سكك حديدية وقطارات‏.‏وكانت في مصر ديمقراطية مدهشة وحراك سياسي رائع تجلي في زمن سعد زغلول العملاق الذي كان غاندي يخاطبه في رسائله بقوله‏:‏ يا أستاذي‏..‏ هل يفهم من هذا أن الطربوش رمز لفترة حراك ثقافي عالمي وديمقراطي تقلصت بعد الثورة؟‏!

يحكي أن الشاعر حافظ إبراهيم قابله رجل أمي في عربة الترام وأعطاه جوابا ليقرأه له‏,‏ فأراد حافظ إبراهيم أن يتخلص منه فقال‏:‏ لا أعرف القراءة‏,‏ فقال الرجل الأمي متعجبا‏:‏ كيف وأنت ترتدي الطربوش ياسيدنا الأفندي؟‏!‏ خلع حافظ إبراهيم الطربوش ووضعه فوق رأس الرجل وصاح فيه‏:‏ الطربوش فوق رأسك‏..‏ تفضل اقرأ أنت
الطربوش وثورة يوليو


"



كل ما يتمناه المرء دون البكاء على ما فات أن يستوعب الجميع دروس الماضي القاسية


فلا يظنن العسكر بأنهم قادرون على تطويع ثورة شعبية صلبة العود!
و أن يدرك من يلعبون السياسة بأن الديمقراطية و اجب لا اختيار و أن قوتهم في ضمان حرية و وجود كل المختلفين دون لعب على أوتار الانتماءات ..
الإخوان المسلمون هم أكثر من يجب منهم التعلم من تلك التجرية القاسية عليهم بدءأ من حل الأحزاب و موافقتهم على ذلك و مظاهرة عابدين الكبرى التي كانت حتما قادرة على إعادة الامور لنصابها لولا السذاجة و إيثار مكسب آني على مصالح كلية للوطن و كان النتاج إعدام العملاق عبدالقادر عودة  و من بعده اللامع سيد قطب و هو أول من اطلق كلمة ثورة على انقلاب 23 يوليو  .. مرورا يتجربة المعتقلات و انتهاء بالخوف التنظيمي المفرط من الخطوات الثورية و التحرك بلا استراتيجية واضحة يغلب عليها رد الفعل المرتبك أكثر منه قدرة على المناورة و كسب النقاط .. ربما حلقات الأستاذ الرائع فريد عبدالحالق في شاهد على العصر مع الإعلامي أحمد منصور تمثل تأريخنا نقديا لتلك الفترات العصيبة.

هذا بعضا مما كان و الله المستعان