الاثنين، 31 ديسمبر 2012

نقطة النور .. بهاء طاهر



نقطة النور by بهاء طاهر
  









بإيقاع مختلف هذه المرة .. ينساب رقراقا حالما .. يلف نسيمه أرجاء الحياة بحثا عن تلك المعاني المفتقدة دائما .. أين أرض الطمأنينة؟ .. أين هي سماء السكينة؟ .. أين هو عالم الحب؟ .. أين أنت يا نقطة النور؟!.

و مع بهاء طاهر و في أرجاء عالمه الساحر سنشد الرحال و نعبر البحار و الأمل دوما يحدونا .. أنه في لحظة ما و في مكان ما .. سنجد المعنى و يرشدنا الدليل …


***
القدر هو الذي قادني لاقتناء تلك الرواية الصغيرة الجميلة لـ بهاء طاهر، حين وجدت نسخة من ( نقطة النور ) ضمن مطبوعات مكتبة الأسرة 2005 ( إصدارات بهاء طاهر كلها تصدر عن دار الهلال ).

و القدر هو الذي أراد أن تتأجل قراءتي لهذه الرواية حتى هذا العام .. أي أنه فات عليًّ عامان و هذا الكنز مخبوء بين أرفف مكتبتي دون أن أكتشفه أو أحاول الاكتشاف! 

كنت قد قرأت جلّ أعمال بهاء طاهر .. الأعمال الكاملة عن دار الهلال – الحب في المنفى – و حتى عمله الأخير واحة الغروب .. للأسف فاتني عمله خالتي صفية و الدير، لكنني سأقتنيه قريبا و سأغبر عالمه بشوق.

تهت في عالم بهاء طاهر .. مع أبطاله التائهين دائماً .. الحائرين القلقين الباحثين عن المعنى و الباحثين عن الذات.

ذروة الحيرة و القلق كانت مع عمله الدسم البديع – الحب في المنفى – خرجت من أجواء هذه الرواية مرهق أشد ما يكون الإرهاق .. و القلب يعتمل فيه ألف سؤال و سؤال .. و الرأس يقلقه ألف معنى ومعنى .. و التيه في صحراء الهوية و الذات و الوطن هو العنوان.

و تكرر المشهد مرارا مع كل عمل لبهاء طاهر .. أنا الملك جئت – قالت ضحى – بالأمس حلمت بك - …… – و حتى عمله الأخير واحة الغروب.

لكنها ليست تلك الحيرة العابثة أو السفسطائية .. لا تحمل معنى التجاوز أو الشطط ..

و إنما هي حيرة ذلك الرومانسي الحالم .. الذي أفاق في شبابه على آمال القومية و أحلام ناصر .. شاب ينتمي لجيل تسرب إلى يقينه يوما بأن قدرته على الفعل لا حد لها و بأن سقف الأحلام لا حد له لأن ما يمكن تحقيقه على أرض الواقع أكثر رحابة و أعرض حتى من الأحلام.

و كما أفاق هذا الجيل - أو هكذا ظن – على تلك الأماني، انقصم ظهره و تشتت أحلامه و ضاعت آماله و تاهت روحه و ذابت تحت أقدامه كل المعاني مع هزيمة يونيو 67 …

و كانت إفاقتهم الثانية – أو قل غيبوبتهم – لكن هذه المرة تجسدت أمامهم أوهامهم التي ظنوا يوما أنها آمالا سيسمون بها فوق الفضاء .. و في تلك اللحظة ثار ألف سؤال .. و النفس تاهت في ألف وادي .. و الروح ضاعت في ألف ميدان .. و كانت ذروة التعبير عن ذلك بل و سحبك إلى تلك الأرض – أرض الأوهام – مع الحب في المنفى ..

و توالت أسئلة الحيرة و لا زال البحث يفضي إلى بحث ثم إلى سؤال .. و لا مخرج كان .. و لا يبدو أن هناك من مخرج أو ذرة أمل حتى الآن!

حتى كان موعدي مع هذا العمل البديع الجميل الذي تأجلت قراءتي له مرارا و كأن القدر ادخره لي للحظة المناسبة و التي أنا فيها في بحث عن تلك المعاني و عن ( نقطة النور ).

و كأعمال بهاء طاهر دائما .. الروح قلقة و البحث لا زال مستمرا عن المستقر .. لكننا هنا نبحث عن معاني أكثر بساطة – أو هكذا نظن – معاني كلنا نبحث عنها ليس لنرتفع فوق السحاب و إنما لنستمر في الحياة.

و بلغة صوفية تؤيدها مراجع و كلمات صوفية من التراث استعان بها طاهر .. و بحرفيته المعهودة يسحبك لعالمه، و لكن هذه المرة بهدوء و تدرج .. قليلا .. قليلا .. و يأخذك العالم و يسحرك المعنى و تصبح أنت الباحث .. أنت الباشكاتب و أنت سالم و أنت من تتلمس طريق أبو خطوة .. و أنت الروح الباحثة و أنت الروح السائلة.

في الحب يكمن الخلاص .. تلك نهاية الرواية إن أردت .. لكن هل تظن بأنك قد فهمت المعنى و أجبت السؤال .. ذلك ما تظن .. لكن لا تعتقد في صحته و عد إلى الحكمة التي بها صدر بهاء طاهر روايته لتدرك أنك ما عرفت إلا أن الجواب هو السؤال!

**
أعرف أنك إلى الرواية في شوق ..

إذا أردت شراءها فهي من مطبوعات دار الهلال ضمن سلسلة الروايات .. تجدها في فروعها المختلفة .. أو اشتريها من فرع دار الهلال بوسط البلد ( وسط القاهرة – التحرير ) أو مكتبة مدبولي في شارع طلعت حرب.

فقط أرجو منك شيئان عند القراءة ..

أولهما ..

أن تصبر في القراءة مع القسم الأول من الرواية ثم تنفتح لك الآفاق .. فإني دخلت الرواية بحكم مسبق لأحد الأصدقاء و الذي للأسف كان سلبيا ,, و كدت أن أدعها و أنا لم أعبر بعد قسمها الأول ..

و لكن استكملت القراءة .. و بمجرد أن انتهيت رفعت سماعة التليفون و اتصلت بصديقي و قلت له أنا أتصل بك لاعتذر لـ بهاء طاهر .. و أقول بأن نقطة النور من أجمل ما قرأت. و تعلمت شيئا جديدا فبالإضافة إلى عدم الحكم المسبق على شيء كذلك يجب أن نصبر على أي عمل حتى ينتهي و لا نصدر الحكم و هو لا يزال بين أيدينا في أشواطه الأولى.

ثانيهما ..

أن تعود للحكمة التي صدّر بها بهاء طاهر روايته بعد انتهائك من القراءة .. اقرأها بتمعن.


***

انتهيت من الرواية و أنا أردد أغنية كاتيا ميلوا الجميلة .. شكرا أيتها النجوم.

Thank you stars, Katie melua.

و ردد قلبي كلمات أخرى مؤداها .. شكرا بهاء طاهر .. شكرا لكِ ( نقطة النور ).

http://hurria.maktoobblog.com/342775/...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق