الاثنين، 20 مايو 2013

في عد الظباء


أهزوجة البداية:

قبل عشر سنوات كتب أحمد بخيت قصيدته الجميلة (ثلاثون عاما) و يومها قالت لي نفسي ستكون معزوفتك يوما ما ..  و قد كان!

لنا خطوة البدء يا صاحبي
وليس لنا خطوة الإنتهاء
***
في مفتتح الكلمات:

للثلاثين و دوائرها القريبة سر تدور في فلكه أقمار و حكايات عديدة .. و مفتاحها نشدان الخلاص و الانعتاق و كتابة افتتاحية متجددة تحمل اشراقة الصباح!

ثلاثون عامًا تمرُّ الظباءْ
بطاءً سراعًا سراعًا بطاءْ
تسابق في ركضها الشاعريِّ
ثلاثين "إلياذةٍ" من دماء
***

مخلوع بلا حكاية:

كانت تجلياته قبل عامين و بعد ٣٠ عاما من وجود مبارك .. منذ  وعي العقل على تقلبات الحياة و أدرك دورة الزمان وتغير ٥ رؤساء أمريكيين لكل منهم في جعبتي حكاية ..إلا مبارك ظل هناك ثابتا كلعنة أبدية و بلا أي حكاية في جعبتي و لو كانت تافهة .. و تذكرت كلمات الفاجومي على صدر صفحات الدستور في أحد أيام صيف القاهرة الحار في ٢٠٠٦ حين صرح (فيه ناس بتحب ناصر و ناس تكرهه .. و ناس بتحب السادات و ناس بتشتمه .. إنما ما تلاقيش حد أبدا بيحب مبارك) .. أحب الابتعاد عن مسألة الحب و الكره هذه .. تبدو كلاسيكية تماما! .. لكن ما تمنيته صادقا .. أن لا يغلق الله عيني إلا و قد اختفى اسم الرجل و تلاشت صورته من صدر نشرة أخبار التاسعة .. لم أكن لأتصور ابني المستقبلي و هو يعاني تلك المعاناة الأزلية مع نشرة التاسعة و ملحقاتها في حياته اليومية
استجاب الله دعواتنا لكن بطريقته .. ظل المخلوع متصدرا الأخبار .. لكن هذه المرة من خلف قضبان قفص حديدي كان قد صنعه لكثيرين دون أن يفكر بالطبع في أن يتمتع هو بالسكن فيه!!

تـمتَّع بأول نجمة صبح
بأول شمسٍ تزور المساء

بأول صوت يقول: بلادي
فيشعر أن التراب استضاء
بأول عاصفةٍ من حنين
على راحل في مهب الشقاء
بأول جائزة لم تنَلْها
لكي تتعلَّمَ درسَ العطاء
بأول جرعة حُرِّيَّةٍ
نفوز بها ميِّتِين، ظِمَاء!!
***

في فن الارتقاء:

كان عود سيف كرومي يعزف (ارتقاء)


فتذكرت ارتقاء المسيح و عمره يدور في فلكه الثلاثيني .. كان كافيا جدا ما قضاه على الأرض فاشتاقت لطهره السماء .. يقولون أنه في مثل هذا اليوم عاد للأرض ليعطي حواريه المخلصين درسه الأخير

من الصخر يطحن بعض الدقيق
ويصنع من غيمتين الحساء
ويسقي الصغار حليب "النجوم"
يطبِّبهم بحبوب "الدعاء"

سأزرع في كل شبرٍ (مقاما)
يرحِّب بالأهل والأصدقاء!!

بعيدٌ هو الماء فاكسر إناءَكَ
كي تتكلم فيك السماء
على عتبات السَّنا شُفتَني
وناولتَني خرقة الأولياء
**

حين طربت برلين:

بالأمس كانت شوارع برلين ترقص للحياة .. كان مهرجان الثقافات يلف أرجائها .. القادمون من كل العالم يستعرضون جمال تقافاتهم المتنوعة و إنسانيتهم المبهجة.

سينهمر المسك يا صاحبي
فقل للينابيع: إن الظباءْ...
ستركض حتى فناء الشهود
ونركض حتى شهود الفناء
وقفنا لنضبط أنفاسنا
فهرولتِ الأرض تحت الحذاء
***

في جمال معزوفات البشر:

كنت حينها استمع لمنير و هو يتذكر عشرينه الذي مر عليه بالأمس (امبارح .. و انا بعذوبتي فارح بالشوق و الهوى سارح .. كان عمري عشرين)

بينما إن ضاعفت العشرين ثلاث مرات ستجد أندي ويليامز يتذكر (بالأمس حين كنت صغيرا .. كان القمر أزرقا .. و أغنيات كثيرة تنتظر الغناء) .. هل سأغنيها يوما؟!!


لكن ما تلبث كاتي ميلوا أن تعيدك لسماءك المغلفة بالنجوم (شكرا أيتها النجوم ..البعض يسمونه الحب أو الإيمان .. لكن كونها سببا لأن نجد أنفسنا .. فشكرا أيتها النجوم)

كانت خيوط الحكاية اللآنهائية (سحابة الأطلس) تخبرنا بأن مقولة التاريخ يستعيد حكاياته ليست بخاطئة تماما

أستعيد دندنات منير (إيدي في جيوبي و قلبي يضطرب .. سارح في غربة بس مش مغترب ..)

تذكرت، سرنا معًا ذات "شعرٍ"
فقيرَين مهنتنا الكبرياء
على بعد "موتين" من ذاتنا
على بعد "عمرين" ممَّا نشاء
بعيدَين عن أمنا يا ابن أمي
نشمِّس أيامنا في العراء!!
نُرَاعُ إذا مرَّ ذئب النُّعاسِ
ونُنْشِبُ أظفارَنا في الهواء
ولاَ نجمةٌ في سما الآخرين
تسامرُنا في ليالي الشتاء
***
أعد البصر كرتين:
تتأمل خطاك مليا و تقلب وجهك في نجوم السماء تعيد النظر كرتين فيرتد مستعيدا الأمنيات و تتجاهل تماما  أشواك المسار .. و تضع إكليل عمرك يتصدره حاء و باء! أطوي سجل الكلمات فاتحا كتابي الأثير (رحلتي الفكرية من البذور للثمار للراحل الفذ عبدالوهاب المسيري)
و معه رواية النجيب الصغيرة لكنها الأقرب لي (السمان و الخريف)
و كتاب يومياتي مستعيدا البصر و سائلا البصيرة

ثلاثون... لا، لن أعُدَّ الظباء
ولن أسأل السهم من أين جاء
لنا الخوفُ -نام "الخطا" مطمئنًّا
لنا الليل -للمُظْلِمين الضياء
لنا الموتُ - غرفة نومِ الملوك
بلا حرس وطبيبٍ ودَاء
نخلِّد في أشرف الأمَّهات
بياضَ الرُّؤَى في سواد الرِّدَاء
نعطِّر شَيبةَ آبائنا
بما سال من عَرَقِ الأنبياء
هنيئًا لِمَن علَّموا الأبجديَّــةَ
كيف تُضيفُ إلى الحاءِ باء
***
حدث في زمان آخر:
مع اشراقة يوم ٢٠ مايو ١٩٩٠ كان التليسكوب هابل يرسل أولى صوره الفضائية  و  قبلها بـ ٥٠٠ عام كان اكتشاف أمريكا ..
كانت ليلة الـ ٢٧ من رجب مشهودة حين عرج النبي الكريم إلى السماء قبل ١٤٥٠ عام ليأتي بعدها صلاح الدين ليحرر البيت الأسير ثم تتوالى الأيام ليبدأ النحاس باشا محاولاته المستميته في لم شمل العرب المستقلين حديثا من ربقة الاحتلال!

عَصِيٌّ على الموتِ والإنحناء
مَدِين بحصَّته في العذاب
وقد يُحسِن المستدين الوفاء
***
عود على بدء:

الشكر الجزيل لمن تذكر يومي الذي قدمت فيه إلى هذا العالم المدهش وفي ذات اللحظة التي كانت العائلة مشغولة بإحياء ذكرى المعراج
السماوي .. و الهلال يستعد لولادة وشيكة معلنا عن بداية و أمنيات ببعض السعادة!

والآن يشرق الشعاع الشمسي على أرض هذا الكوكب لعل ابتسامة ترتسم هناك على شفتى قادم جديد ..


كعادتِنا لا نُطيل الوداع
لنشعر أنَّا نُطيلُ اللقاء
***
عبدالعظيم
مع إشراقة شمس يوم ٢٠ مايو ٢٠١٣
برلين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق