الأربعاء، 28 أغسطس 2013

في هجاء الغباء و أهله !!


حالة الغباء المطبق التي تحل على كل صاحب سلطة.. تبدو عصية حقاً على الفهم ..
فتظهر تقديراته عوجاء و معالجاته للقضايا العالقة عرجاء .. 
و قدرة صاحب السلطة على تقدير اتجاهات الناس و تطلعاتهم يقل عن المقياس الصفري بخيبة يُحسد عليها !!

جلست مع صديق متخصص في العلوم السياسية لأسأله عن تفسير الغباء عند أهل السياسة ..

كان رد الصديق أن ذلك إشكال كبير لم يتم تفسيره بشكل قاطع بعد.. !! 
يبدو الأمر مبشرا إذاً.. سنضطر للتعامل مع هذا الغباء لسنين ضوئية قادمة!!

استعيد أحيانا بعض المأثورات البليغة كـ (السلطة المطلقة مفسدة مطلقة) بينما يقر أحدهم أن (السلطة هي ضرع اللذة الذي لا نبغي منه الفطام) ..

يرتد أهل السلطة إذاً لحالتهم الطفولية -بل لمرحلة ما قبل الفطام - فيتمسكون بعناد مزري بضرع اللذة حتى يُفطمون منه عنوة.. 

مؤكد أنه هذه المرحلة الطفولية لا تحتمل أي مهارة تفكير عقلي أبدا .. 
نبغي الضرع و ما دونه الهلاك ؟١ يردد حاكم.. 
فليكن الهلاك يا عزيزي.. سيرد هكذا أي شعب محترم .. 
فموضوع حلب البقرة الذي تحدث عنه الشاعر أحمد مطر لا يبدو مستساغا هنا !!

إذا كنت مثلي ممن فتحوا عيونهم على الدنيا ببراءة و كان مبارك هناك في وضع الرضاعة التي استمرت 30 عاما كاملة !! و ستكون ازددت خبرة جتما خلال الفترة التالية لفطم الرجل الثمانيني!!

كم من مفكر فذ كان يتحفنا بأفكاره المدنية و مناضل عظيم يتكلم عن قيم الحرية .. و رجل قانون يتكلم عن دولة العدالة .. فنصفق كثيرا لأمثالهم و نتحمس و ننصبهم زعماء..
ثم تدركنا خيبة الأمل الكبرى بينما يعودون هم لمرحلة الرضاعة .. رضاعة السلطة!!

هل هذا يفسر حالة العناد الأرعن عند صاحب السلطان ؟! .. 
فيبدو كطفل يلهو بالدبابات و المدافع في وجوه شعبه و أهله و كأنهم دمى يلعبون بها يستطيع تغييرها قريبا بعد قطع رؤوس بعضها و أطراف البعض الآخر ..

يحكي غابريل غارسيا ماركيز حكاية طريفة عن حاكم شارف على الانتهاء فقال له وزيره إن الشعب جاء ليودعك يا مولاي !! .. رد الحاكم و هو متفاجئ: لماذا .. هل سيرحل الشعب ؟! .. لقد أصبح الشعب استثناء قد يزول أما الحاكم فــ إلــاه خالد في شكل رضيع !!

لهذا -ربما- كتب عبدالرحمن الكواكبي كتابه الرائع طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد .. ليدلل كيف يقودنا المستبدون الحمقى لمصارع البلاد و هلاك العباد!!
ليكتب أن (الاستبداد أصل لكل فساد) .. 
ثم يقول 
(المستبد.. يود أن تكون رعيته كالغنم درًّا وطاعة) .. 
لكن الرجل ينصحنا .. 
(وعلى الرعية أن تكون كالخيل إن خُدمت خدمت وعليها أن تكون كالصقور لا تُلاعب ولا يُستأثر عليها بالصيد كله).. 
فلنلهو على أبواب القصر قليلا إذاً .. و لتكن ثورة !!

كل ما يمكن قوله أن أمثال هؤلاء الأغبياء و بعودتهم لمرحلة الرضاعة يثبتون لنا أنهم (قليلي الرباية)..
فلتحمل الشعوب عصا التربية .. ففي الأنحاء حاكم و سلطان و مدير و رئيس مصلحة و مدير مؤسسة .. كلهم عديمي الرباية و يستحقون تعلمها من البداية !!

يبدع بلال فضل كثيرا هنا .. و ذلك حين يقترب بإنسانياته من قارئيه .. 
فما بالك حين يكون الموضوع آسرا عن (الغباء الإنساني !) و الشاهد على الحديث هو @ديستويفسكي الذي كتب يوما متسائلا:
(قد تجد إنسانا يتهكم على عماوة الأغبياء الحمقى الذين لا يفهمون لا مصالحهم الحقيقية ولا القيمة الحقيقية للفضيلة، 
ولكن ما إن ينقضي ربع ساعة، ربع ساعة على وجه الدقة والتمام، 
حتى نراه يقوم بعمل سخيف أو يرتكب حماقة، دون أي سبب غير اندفاع داخلي أقوى من جميع اعتبارات المصلحة والمنفعة، يجعله يعمل على نقيض جميع القواعد التي ذكرها، على نقيض العقل، على نقيض مصالحه).

يتساءل بلال فضل Belal Fadl و براءة الكاتب في قلمه: 
(إذا كنا لا نستطيع منع الغباء من تدمير حياتنا فلماذا لا نحاول تفسيره على الأقل؟.)
لقد ضيقت واسعا يا أخا العرب .. كيف نفسر ما لا نفهم .. عن موقف الرضاعة المتأخر هذا؟!!

لكن بلال عاد مقتنعا بيحزبونية التفسير ليصل لما مفاده (يبقى أنك لو انشغلت بمقاومة الغباء بدلا من تضييع الوقت في تفسيره لكان ذلك أفضل لإنقاذ نفسك ووطنك من الأغبياء).

وقانا الله و إياكم من الوقوع في شرك الغباء و مواضعه الظاهرة منها و المستخفية !!

#عبدالعظيم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق