السبت، 18 يناير 2014

تزييف الوعي

الكلام المسطح و اللعب على استثارة عواطف الناس هو طريق للهزيمة مش للنصر أبداََ .. هو هزيمة لوعي المجتمع مقابل انتصار مجموعة تتلاعب بعواطفهم القومية أو الوطنية أو الدينية .. بمعنى أكثر وضوحاََ هو جريمة أخلاقية في حق الناس أكبر من جريمة العنف الجسدي لأن أثرها ممتد لأجيال و مش عارف هنحتاج كم من السنين أو العقود لتجاوز المأساة.. 

حين تحضر تلك العاطفة المتقدة باسم العقيدة أو الوطنية أياََ يكن.. و يتم تضليل الناس إما بتكبير بعض الوقائع أو تجاهل الجانب الآخر منها و بلا أسس موضوعية بهدف شيطنة كل مخالف و بلا تمييز.. هنا تغيب مهارات التحليل أو النقد أو حتى اتخاذ مواقف عقلانية تسمح بمساحة من المراجعة الدائمة لتصحيح الأخطاء أو تغيير المفاهيم.. و تحضر عاطفة ملتهبة و بدلاََ من قتل السلطة للناس.. سيتقاتل الناس أنفسهم في الشوارع و هذا ما تريده سلطة فاشية تلعب على انقسام المجتمع و شحنه بهذه الحدة.
في برلين كانت هناك محاضرتين على طرفي نقيض .. الكاتب صنع الله إبراهيم منظراََ لفاشية العسكر.. و حين تسأله عن ثم ماذا بعد؟!.. يتحدث كثيراََ عن كسر القوى الإمبريالية و ليقض السيسي على الخصم اليميني ثم لكل حدث حديث .. هكذا ببساطة..على الجانب الآخر كان الدكتور الجوادي يلقي محاضرته في جمع مصري بكاريزما كلماته المسطحة عن رئيس أمريكا الأخواني القادم..
في الحالتين كان المستمعون مشحونين عاطفياََ بشدة و يرون الآخر مجموعة من الشياطين دون التفكير في نقد ذاتي أو بناء موقف موضوعي.. 
الكل يحتاج لمراجعة عميقة أو لحظة تطهر ربما فلسنا بالملائكة و لا بالشياطين.

في أمريكا بعد ١١ سبتمبر وجه نظام بوش غضب الشعب الناقم و بشكل عنصري ناحية المسلمين لينسى الناس مسئولية الحكومة الفاشلة في حمايتهم و لتفريغ عواطفهم في اتجاه عدو وهمي.. تمثل في كل مسلم يتجول في شوارع نيويورك ثم توسع الأمر ليشمل كل شخص بملامح أو نمط ثقافي ينتمي للبلدان الإسلامية حتى لو لم يكن مسلما .. كانت القصص مثيرة للألم فعلا عن كيفية تردي شعب (متحضر) لحضيض العنصرية بهذا الشكل.. أوباما احتاج الكثير لينظف مخلفات الغبي الذي سبقه.
بالشكل نفسه وقف هتلر أمام 30 مليون ألماني يصنف الألمان تبعا لأعراقهم ليجعلهم يستبيحون كل غريب عن الجنس الآري في ذلك الوقت .. القصص كثيرة عن إبلاغ الجار عن جاره ثم استباحة بيته و محاله دون الشعور بأي مشكلة أخلاقية.. كانت ساعتها قمة الوطنية..
الآن في مصر أم تبلغ عن ابنها و أهل بلد واحد يتلاسنون بالإرهاب أو الخيانة .. يوماََ ما و بهذه الوتيرة لن يحتاج الأمن و الجيش للطلقات .. سيتكفل الشعب بإطلاقها على بعضه و نغرق جميعاََ في الوحل.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق