الاثنين، 22 يوليو 2013

رمضان كريم 10: عن البلاد التي يقصر ليلها و يطول نهار صيامها


في مسألة الصيام في البلاد التي يقصر فيها الليل و يطول فيها نهار الصيام

قابلت اليوم من يروج لمسألة الصيام بالقياس على مكة المكرمة نظرا لطول النهار في ألمانيا ..
كانت المناسبة قدوم وفود من بلاد مختلفة إلى برلين في رمضان .. و كانت لديهم المفاجأة في طول النهار زيادة عن مصر فضلا عن حرارة الجو .. 
تحدثنا عن رخصة الإفطار بداعي السفر و المشقة .. إلا أنه خرج أحد الناس بفتوى القياس و أن يفطر المسلم على توقيت مكة المكرمة ..
كنت أعرف أن المجلس الأوروبي للإفتاء لم يتخذ هذا الحل .. و قرر أن لم يستطع الصيام بداعي المشقة فليفطر و يقضي أياما أخر في الشتاء مثلا
كان ردي كذلك على صاحب الكلمات .. لكني لم أذهب للتفاصيل حتى لا أتدخل فيما لا علم لي به بشكل متعمق
و لذا آثرت قول الرأي الذي استرحت له (و كنت ناقلا) و هو الاقتناع بضرورة الصوم في المواعيد المقررة شرعا .. و الإفطار لمن لا يستطيع التحمل!

قابلت بالفعل مسلمين من هنا .. و أجيال من مسلمي الجيل الثاني الذين لم ينشأوا على ممارسة الصيام من الصغر .. يشق الأمر عليهم جدا .. هم يخجلون من ذلك و يشعرون بحرج لا يجدون له دفعا و لكني أهون عليهم بأن الله مطلع على صدورهم و أدرى بنياتهم و رغبتهم في الصوم و إن لم يستطيعوا .. و سيأتي يوم فيه يستطيعون .. فضلا عن فرصتهم لقضاء الصيام في أيام أخر
(أتطلع بالفعل .. يوم أن يأتي رمضان في الشتاء .. يصل طول النهار أحيانا لـ أقل من 8 ساعات .. )

بالفعل الأمر شاق للغاية على من لم يتعود الصيام .. 
أتذكر أيامنا في الطفولة و الكل يستعد للشهر الكريم .. و أحدهم يداعبك: هيه ..هتصوم و لا زي كل سنه؟! في جملة تحفيزية..
يشتري الناس الفوانيس و يعلقونها في مداخل البيوت و الشوارع .. نتفنن في صنع زينات البيت ونمدها بطول الشارع بتعاون كامل بين أطفال الشارع لنجعل من شارعنا الأجمل في رمضان .. لا زلت أتذكر شارعا آخر كان هو الأجمل دائما لأن الأطفال كان يحصلون على دعم مادي و فني لتزيين الشارع .. يينما نحن نتكفل بالأمر بقروش المصروف القليلة و خبرات معدومة نظرا لا ستقالة أجيال الكبار من مهمة التزيين..
أتذكر المسحراتي و هو يمر تحت شباك البيت مناديا أسمائنا (أحيانا أكثر من مسحراتي) و استيقظ مع جدتي رحمها الله و نتسحر و الأهل جميعا و نشعر رغم المشقة بفخر القدرة على أداء الصيام .. لقد ارتقينا في سلم الكبار و أثبتنا القدرة و الكفاءة .. هكذا هي مشاعر الطفل الغرير قبل الشعور بأي مسائل روحية أو تفكير في حكمة الصيام!

لا أستطيع أن أقارن طفولتي تلك، بطفولة طفل هنا لا يجد تلك الأجواء من التحفيز و يواجه مجتمعا متسائلا لا يعرف و لا يستوعب معنى أن يترك إنسان الطعام و الشراب طوال اليوم بهذه الشدة المبالغة ... لماذا يتعذبون ؟! هكذا يرددون ..
سينتهي قاموس كلماتك و هم لم يصلوا بعد للقناعة الكاملة (تذكر أن الأغلب يحتل الدين و الإله و المسائل الروحية مرتبة متأخرة تماما في أولوياتهم .. هذا إن وُِجدت أساسا). فقط سينظرون لك و هم يعرفونك جيدا و يرونك مكافحا معهم في صيامك .. باحترام و يظهرون التقدير .. رغم بعض التقصير حقا في العمل .. فاليوم طويل و التركيز مع طول اليوم يقل حتما ..

تذكرت مشرفة الماجستير حين حكت لي مرة و كنا في رمضان .. عن والدها المسؤول عن مصنع للصلب ليجد فجآة الانتاج يقل للنصف و كان كل العمال من الأتراك .. تساءل الرجل حتى عرف مسألة الصيام ..
حينها و بطريقة عملية (ألمانية) ممتازة حاول أن يتناقش معهم لكنهم كانوا عمالا بسطاء ..
سافر الرجل و قابل أئمة و علماء ليحصل على فتوى من علماء ثقات للعمال بإمكانية الفطر لأصحاب الأعمال الشاقة مثل عمال أفران الصلب.. و حْلت المشكلة و عاد الانتاج

الآن يواجه الأطفال مشاكل في المدرسة مع عدم تفهم المدرسين للصيام و أحيانا لا يعفونهم من حصص الألعاب الزياضية المرهقة .. و يتهمون الأهل بالضغط على الأطفال من أجل الصيام و هم لا يفهمون أنه إصرار الأطفال الشديد على إثبات أنفسهم أمام الجميع .. يحاول الأباء (بتهاون ما) أن يجبروا الأطفال على الإفطار تجنبا للمشاكل .. و يشعرون في ذات الوقت بفخر خفي (لا يظهرونه) بأولادهم ..

الآن و أنا أكتب السطور و أشعر المعاناة و العطش مع الحر الشديد .. ثم قابلت أحد ممن لم يتعودوا مشاق الصوم من الصغر .. يتناول المياه .. أمامي مباشرة !! لن ألومه على شرب الماء .. لكنني سألومه طوبلا على شرب 2 لتر من الماء أمام ناظري  ... و أنا أدعو الله أن يرزقني شربة ماء من يد الحبيب المصطفى لا أظمأ بعدها أبدا .. رزقنا الله و إياكم

أعود للفتاوى.. 
بحثت عن فتاوى القياس فوجدت لها أصلا معتبرا .. و كلمات من علماء ثقات .. قررت عرضها هنا لإعمال العقل و النظر لأناس ربما يعيشون في الشمال الآن يقل معهم الليل ليصل لساعة واحدة .. رأيي كان هناك في البداية و لك حق القراءة و رجاء الهداية ..

عبدالعظيم التركاوي

http://www.facebook.com/terkawi/posts/10200809416292337

----
فتوى دار الإفتاء المصرية:
http://www.dar-alifta.org/ViewFatwa.aspx?ID=4777
فتوى المجلس الأوروبي
http://www.e-cfr.org/ar/index.php?ArticleID=1039
http://www.islamiskaforbundet.se/sv/component/content/article/22/420-2012-07-13-15-06-11.html
بيان المجلس الأوروبي للإفتاء عن بداية رمضان:
http://www.islamfeqh.com/News/NewsItem.aspx?NewsItemID=5622

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق