الأحد، 14 يوليو 2013

رمضان كريم 4: هل تزرعون لسان العصفور حقا في مصر يا عبده؟!!! فضحكت بلا انتهاء..


يطول النهار هنا حتى يبدو بلا نهاية .. تتابع دقات الساعة المتباطئة في الحركة و كأنها هي أيضا صائمة !!

تجمعنا جولات الحدائق حين تنتهي الطاقة تماما .. و أحيانا لعبة الريشة الطائرة .. لله در قدماء المصريين الذين يقال أنهم من ابتكروها.

يؤذن للفجر بعد المغرب مباشرة .. هكذا هو الشعور بسهم الوقت المنطلق بينهما الذي بالكاد يكفي الإفطار و بعض ركعات و كوبي الشاي المفتقد طوال اليوم .. 
السحور هنا رفاهية لا يمكن الوصول إليها إلا إذا ركبت موتور ألماني يحفز عملية الهضم بسرعة لإيجاد مكان لوجبة السحور.

هل تذكر أول رمضان قضيته بعيدا عن أهلك؟!
بسبب العمل و الدراسة اضطررت لقضاء أول يوم رمضان بعيدا عن البيت .. صحوت متأخرا لأجدني وجها لوجه مع الطبق و من غير خشاف !! دمعتين و جو مؤثر، اعتقد إن الكهرباء كانت قاطعة يومها .. رغم إن الدكتور مرسي لم يكن قد أصبح رئيسا بعد و لم تكن الثورة قد طرقت بابنا بعد !

أول رمضان في الغربة كان مختلفا تماما .. كنت في شهري الثاني في مدينة صغيرة في شمال غرب ألمانيا (جوتنجن) .. الجالية العربية لا يتعدى عددها الـ 70 فردا بالعائلات. نعرف بعضنا تماما و نلتقي كل يوم في مسجد الإيمان، و في رمضان جمعنا المسجد في إفطار يومي عوض غياب العائلة الصغيرة بحضور العائلة الكبيرة المكونة من أخوانك و أخواتك من شتى بقاع المعمورة .. كانت أياما مجيدة!

و في يوم قرر شباب المصريون و عائلاتهم عمل الإفطار للجميع .. و استمتع الجميع بالطعام المصري الجميل حتى فوجئت بمجموعة أصدقاء سوريين يسألونني عن شوربة لسان العصفور .. أنتوا بتزرعوها في مصر ؟! ضحكت بلا انتهاء و تناقشنا في أصول المعجنات و تسمية المصريين الكوميدية لها .. ذكرت لهم موقف القذافي عندما سأله مساعده عن ضرورة زراعة المكرونة مثل المصريين الذين أعجبت مكرونتهم الأخوة الليبيين !!

لنا صديق شيعي من سوريا كانت بداية تعارفنا خناقة (لها حكاية) .. ثم جمعتنا رغبة المعرفة المشتركة في الفوارق و المشتركات بين المذهبين و كذلك أحلام الحرية و الديمقراطية للأوطاننا (لم تكن الثورات العربية قد لاحت في الأفق بعد). كانت تجمعنا موائد الإفطار أحيانا .. 

و لتجنب إحراج الصلاة جماعة (حيث أنه لا يستطيع الصلاة في جماعة) و كذلك لتجنب إحراج الوقت (حيث يتأخر الشيعة في موعد الإفطار في حدود الربع ساعة). كان يجمعنا الإفطار أحيانا في مسجد تركي رائع .. المسجد تحفة فنية و ملحق به قاعة مطعم و نادي رياضي و كافتيريا ( معظم مساجد ألمانيا عبارة عن مجمع مثل ذلك لتعويض المناخ للشباب) و ترسل تركيا إئمتها خصيصا لإقامة شعائر رمضان في مساجد جاليتها .. الإفطار كان عامرا و خمس نجوم. 

و أحيانا كانت تجمعنا دجاجة في البيت على الإفطار نستقوي عليها و نحن نشاهد رأفت الهجان و ليالي الحلمية في الغربة.

صلاة التراويح في المساجد التركية تبدو مغامرة رياضية مدهشة .. يصلون 21 ركعة بسرعة مدهشة تحتاج للياقة بدنية عالية يجب أن تكون مستعدا بتمارين الإحماء. فضلا عن ختم الصلاة المشترك بصوت عالي و عدم الجهر بكلمة آمين .. كانت تجربة رائعة لتجد كيف يتعامل أخوانك مع العبادات و كيف يعوضون عدم معرفتهم باللغة العربية بالتنظيم الرائع.

في ذلك الوقت جاءني قبول غير متوقع لدراسة الماجستير من جامعة برلين على بعد 4 ساعات بالقطار السريع. 

لم أكن أعرف أحدا فاتصلت بالمسجد في برلين فسألتهم عن إمكانية الاعتكاف في المسجد في العشر الآواخر؟ كانت الإجابة نعم .. فقلت أني قادم للاعتكاف عندهم من جوتنجن .. فجاوبتني ضحكات طويلة من ذلك الذي عرفت اسمه لاحقا حين التقيته .. أبو أنس .. و كانت بداية أخرى و اغتراب آخر.

عبدالعظيم التركاوي


رمضان كريم 1
http://www.facebook.com/terkawi/posts/10200727186196636
رمضان كريم 2
http://www.facebook.com/terkawi/posts/10200727728090183
رمضان كريم 3
http://www.facebook.com/terkawi/posts/10200754142190519
رمضان كريم 5
حين تأكل الملوخية بعيدانها و أوراقها و لا بديل .. اختراع المخرطة لم يصل هنا بعد !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق